ـ(517)ـ أوجه هذه الصحوة وتنشيطاً لفاعلية هذه اللقاءات والتأكيد على استمرارها. ولهذا ليس بالأمر الغريب أن نقرأ ونسمع ونشاهد مروجي هذه الشبهة يطلون برؤوسهم في هذه المرحلة. لان مثل هذه اللقاءات والحوارات بين المسلمين تؤرقهم مستأنسين بمسيرة التاريخ وما تحمل إليهم من أخبار ولان هذه المسيرة تشهد بأن قادة الحركات المناهضة لقوى البغي والعدوان على هذه الأُمة ورسالتها وفي أي قطر إسلامي هم رجال الفكر والعلم الذين يجمعون بين فقه أحكام الدين وفقه أمور الدنيا بسبب صدق توجههم وسلامة نواياهم والذين يقولون بفصل الإسلام عن السياسة يتجاهلون مدلول كل منهما والعلاقة بينهما. وإدراك هذا المدلول وتلك العلاقة من خلال المعاني اللغوية والاصطلاحية لكل من الدين والسياسة. فالدين كما ورد في كثير من التعاريف وضع الهي سائد لذوي العقول السليمة باختيارهم لما فيه صلاحهم في الحال والمآل في الدنيا والآخرة وبشقيه التعبدي والتعاملي. والسياسة هي فن وأسلوب تربية وتعليم الإنسان وعلم سلوك جماعي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأخلاق، وهي كذلك طريقة رعاية شؤون الأُمة بالداخل والخارج وإرشاد أفرادها إلى طرق تدبر معاشهم على سنن من العدل والاستقامة بغية تكوين مجتمع متكامل. هذان التعريفان المجملان لكل من الدين والسياسة يبينان بوضوح ان العلاقة بينهما علاقة عموم وخصوص وعلاقة تداخل. فالدين وضع الهي يتضمن الجانب التعبدي والجانب التعاملي. وبيان الجانب التعبدي هو المهمة الأولى لكل رسول. ونحن نعرف ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان جهده بادئ