ـ(514)ـ وهذا غيض من فيض يؤكد على عدم اقتصار تنظيم العلاقة بين الإنسان وربه فحسب، ولو كان الأمر كما يدعون لكان من الممكن ترك شؤون هذا الدين كله لله تعالى يراقبها ولا علاقة للإنسان به، ولكن على العكس من ذلك نجد في الإسلام جانباً كبيراً ينظم علاقة الإنسان بالإنسان، ويرتب سبل العيش في مختلف شؤون الحياة. إضافة إلى ذلك لم يكن الإسلام في يوم من الأيام حكراً لأحد أو على أحد ولا لفئة على حساب أخرى بل هو دين كل متبع له مؤمن بتعالميه، دون امتيازات ولا خصوصيات ودون تفريق بين الأجناس والعروق، وبين الألوان واللغات. قال الله تعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ?(1). ولم يكن الإسلام بما يتضمنه من مقومات استمرارية وعوامل حفظ أن يكون في يوم من الأيام موضع استغلال من قبل أي فرد، أو فئة، وإن وجد مثل ذلك عند البعض فإنما يكون عند ضعاف النفوس الذين لا يفهمون الإسلام على حقيقته كذلك لم يوجد بين علماء المسلمين على مر العصور وحتى يومنا هذا من يدعي الاستئثار بوضع خاص له في هذا الدين أو الأفضلية على الغير وان وجد ذلك في المجتمعات الإسلامية فهؤلاء لا يشكلون حتى ولا أعشار علماء في هذا الدين. لأن علماءه ومفكريه قد شهد الله لهم بالمكانة الرفيعة بهم من خلال قوله تعالى: ?شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ?(2). ________________________________ 1 ـ سورة الحجرات: آية 13. 2 ـ سورة آل عمران: آية 18.