ـ(502)ـ يمكن تصور دولة إسلامية بلا دين. كما لا يمكن تصور الدين الإسلامي فارغاً من توجيه المجتمع وسياسة الدولة. لأنه حينئذ لا يكون إسلاماً. وعلى هذا لم يفرق علماؤنا وسلفنا الصالح بين الأحكام التي تنظّم الأمور الدنيوية «للعقيدة والعبادة» والأحكام التي تنظم الأمور الدنيوية. بل انهم أطلقوا عليها جميعا باسم «الأحكام الشرعية الإسلامية». «النظام السياسي في الإسلام يطبقها صلى الله عليه وآله وسلم» وإذا رجعنا إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى قبل ان يهاجر إلى المدينة المنورة. ستشهد ان الرسول عليه الصلاة والسلام. وهو المبلغ عن ربه رسالة الإسلام والأعرف بها وبدقائقها. مهد خلال أكثر من عقد من السنين بما أوحى الله عز وجل إليه وبسياسته الرشيدة لإقامة الدولة الإسلامية الأولى والتي ستكون مثالاً يحتذيه من بعده ليسيروا على منواله. فها هو عليه الصلاة والسلام في السنة التالية للرسالة يقول لأشراف قومه أمام عمه أبي طالب «كلمة واحدة تعطوا فيها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم».. وأوضح في هذا القول ان التفكير السياسي كان إلى جانب الدعوة إلى الدين الجديد. وهاهو عندما يرى العذاب تنزله قريش باتباعه وصحابته ولا يقدر على أن يمنعهم فيأمرهم بالهجرة إلى الحبشة وهذا عمل سياسي لما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء وانه لا يقدر على ان يمنعهم مما هم فيه قال لهم: لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد. وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما انتم فيه ولقد أراد عليه الصلاة