ـ(107)ـ الروابط بين وضع الإنسان والنعم الإلهية والحضارة عموماً إننا لو تتبعنا الآيات القرآنية التي تتحدث عن الجانب الحضاري، ومنه المادي للشعوب، نجدها تركز على كيفية تعالم الإنسان مع الدين ومع الله، أي مع وظيفته تجاهه تعالى فتجعل نوعية التعامل سببا للرقي والنصر ان كانت إيجابية وللانهيار والضياع ان كانت سلبية، وهذا ما تؤكده الآيات القرآنية، منها: ?وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ?(17). ?وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ?(18). فإذا كان الإنسان هو المغير أولاً... وإذا كان الذي يقبل التغيير، هو الشكل العام، لا القوانين الواقعية ـ ومنها الفطرة بمقتضياتها ـ ثانياً... فإن من الطبيعي ان نتوقع للإسلام الخلود بعد ان كان: يعمل على تربية الإنسان ـ إرادة وتعقلا ـ في مختلف الحالات، ويعمل على ان يضع لـه القواعد العامة والمفاهيم المستمدة من تصورات واقعية، كل ذلك في سبيل ان يقوم (الإنسان الأعلى فكرا من غيره والمنزه من الانحرافات، ونعني به الإمام وفي طوله الحاكم الشرعي المجتهد العادل) بتطبيق تلك القواعد على الجانب المتغير، أو فقل ملاحظة مدى إمكانية الصورة من الحياة الملائمة مع الواقع الثابت، ومدى مساهمتها في تحقيق الأهداف الإنسانية العالية. فيقبلها أو يرفضها على ضوء ذلك. يخاطب نوح ـ عليه السلام ـ قومه فيقول: ?فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا _ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا {71/11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ