ـ(479)ـ وقد أشرنا إلى مجمل نظرية الدكتور البدوي التي جاءت كتفسير أو حل لاشكالية النص الجامد والواقع المتحول. وكاستعادة لما ذكرناه نبدأ من قول البدوي حيث يقول: بعدما يستعرض الآثار السلبية للدين الذي يبني جميع حقائقه ومعانيه من كلمات واضحة ومباشرة، وذات بعد واحد وبسيط... «لابد ان يختار الدين لغة لبيان معاني فلسفته بحيث تكون هذه اللغة متعددة الجوانب ومتعددة الابعاد والزوايا، لكي يصلح كل بعد من تلك الابعاد لجيل معين، ويفهم كل جماعة جانباً من تلك الجوانب فإذا كانت لغة الدين ذات بعد واحد، فانه يكون مفهوماً لجماعة معينة ويكون لسائر الجماعات بلا قيمة...»(13). ويضيف لذلك كتأييد الدكتور علي شريعتي بقوله فان الدين باعتباره نازلا لمختلف الفئات ولجميع الأجيال فيجب ان تكون لغته رمزية...(14). بعد ان اتضحت فكرة رمزية الدين وضبابيته بحسب تعبير علي شريعتي نستدرك ان هذه الفكرة وعلى الرغم من طرافتها لا تنهض بتفسير الأحكام والمفاهيم والقيم غير الضبابية ـ التي لم يتغير فهمنا عنها منذ نزولها وحتى يومنا هذا وكأنها تحمل زاوية وبعد واحد ومن ثم لا ننظر إليها إلا من خلال ذلك البعد الواحد الواضح. هذا فضلا عما يترتب على مثل هذه المقولة من نتيجة سلبية تتمثل في القول: ان الشريعة الإسلامية غامضة ومبهمة أو ضبابية ورمزية ولا تتمتع بثبات في الفهم والمضمون. ولكن وفي التحليل النهائي لفكرته الرمزية في الدين نحتم بالتذكير إنها تختص بجزء يسير ـ من النصوص العلمية أو الفلسفية ـ ان صح التعبير ـ وذلك