ـ(460)ـ التي لم ينزل الله بها من سلطان من هنا تأتي قوة الشمولية التي تحلى بها الدين الإسلامي فهو الدين الحقيقي الجامع بين المادة والروح في نسيج رائع متكامل لا ينفصم، وإذ انفصم في بعض المناطق فذلك لأن المسلمين الذين اعتنقوه لم يكونوا مسلمين حقيقيين، يعرفون الإسلام حق المعرفة. ومن هنا أيضاً أكّد الإسلام العلوم المختلفة، وبالطبع النافعة وليس الضارة، وقد ورد النهي عن العلوم الضارة في كثير من المصادر والأحاديث. وتكامل العلوم يأتي من شمولها للعلوم الدنيوية والعلوم الأخروية، فقد جميع الإسلام أنواعا متنوعة ومتكاملة من العلوم وقد قسمها المؤرخون والباحثون إلى نوعين أساسيين من العلوم. ولعل أول من جمع العلوم وصنفها هو جابر بن حيان المتوفى نحو سنة 180 هـ فقد جمع العلوم في نوعين، يقول: (لما كانت العلوم على ضربين، علم الدين وعلم الدنيا، فكان علم الدين فيهما منقسما قسمين شرعيا وعقليا، وكان العقلي منها منقسما قسمين...»(46) وبالطبع يضع كل العلوم المعروفة في عصره تحت هذين الاطارين العامين. ويعد الفارابي الفيلسوف الإسلامي الأول الذي اهتم بإحصاء العلوم وقد صنف كتابا شهيرا جمع فيه علوم عصره المعروفة وأسماه «إحصاء العلوم» (47) وفي هذا الكتاب يذكر العلوم المشهورة في عصره ويقسم محتوياته إلى خمسة فصول، يتحدث في الفصل الأول عن علم اللسان وأجزائه وفي الفصل الثاني في علم المنطق وأجزائه والثالث في علوم التعاليم والمقصود بها العلوم الرياضية والطبيعية ويتحدث في الفصل الرابع عن العلم الطبيعي وأجزائه وفي العلم الإلهي وأجزائه، وفي الفصل الخامس يتحدث عن العلم المدني وأجزائه وفي