ـ(459)ـ اما مضامين هذا التراث العريض فيمكن ان نلتمسها من خلال العلوم الكثيرة التي افرزها النظام الإسلامي، والتي فاقت كل علوم الحضارات الأخرى. الشمولية في العلوم: التكامل أهم صيغة يمكن ان توصف بها الحضارة الإسلامية... فهي حضارة مادية تهتم بالدنيا وعلوم الدنيا التي يحتاجها الإنسان ليقوم من خلالها بأعباء الحياة، وروحية دينية من جانب آخر، فالعلوم الدنيوية المادية على أهميتها هي في الحقيقة جاءت لتصب في الحياة الآخرة (فالدنيا مزرعة الآخرة) وهذه الشمولية وهذه الصفة الفريدة لا تجدها في كل الحضارات لا الحضارات السابقة على الإسلام ولا الحضارة الحديثة اللاحقة بعد الإسلام. فغالبا ما كانت قائمة على الخرافة والأسطورة والخزعبلات التي ما انزل الله بها من سلطان، وكلنا يعرف أنها قامت على تعدد الآلهة وعبادة الأصنام والأوثان وحتى التوحيد الذي ظهر في مصر الفرعونية كان توحيدا وثنيا، فإخناتون الفرعون المصري وحد جميع الآلهة المعروفة في قوته بإله واحد اسمه (آتون) أي الشمس أو قرص الشمس، وقد عده الإله الواحد للكون بأسره فلا يقتصر الإيمان به على قطر دون آخر أو إقليم دون إقليم»(45) لكنه في كل الأحوال هو الشمس المخلوقة لله سبحانه، فهو توحيد وثني ولا معنى للإلهية الحقيقية فيه. أما الحضارة التي أعقبت الحضارة الإسلامية أي الغربية، فهي كذلك ابتعدت عن الروح والروحية، وهي وان كان أساسها الدين المسيحي إلا انها في الحقيقة صارت بعيدة عن روح هذه الديانة، فهي مادية بحتة إضافة إلى إيمانها بالخرافات