ـ(448)ـ محددة من الناس ولا قبيلة معينة ولا طبقة محددة وإنّما الكل مخاطبون به جاء لخيرهم لدنياهم ومستقبلهم والآيات الصريحة في ذلك خبر شاهد على ما نقول قال تعالى في محكم كتابه الكريم: ?وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ? ?وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ?(8). فما تعنى ?كَافَّةً لِّلنَّاس? في الآية الأولى، وما تعني رحمة للعالمين في الآية الثانية، انهما دون شك تقصدان كل الناس وكل العالم بما فيه عالم الجن والأنس. يقول السيد محمد حسين الطباطبائي: «قولـه تعالى ?وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ? أي رحمة مرسلة إلى الجماعات البشرية كلهم ـ والدليل عليه الجمع المحلى باللام ـ وذلك مقتضى عموم الرسالة وهو صلى الله عليه وآله وسلم رحمة لأهل الدنيا من جهة إتيانه بدين في الأخذ به سعادة أهل الدنيا في دنياهم وأخراهم. وهو صلى الله عليه وآله وسلم رحمة لأهل الدنيا من حيث الآثار الحسنة التي سرت من قيامه بالدعوة الحقة في مجتمعاتهم مما يظهر ظهورا بالغا بقياس الحياة العامة البشرية اليوم إلى ما قبل بعثته صلى الله عليه وآله وسلم وتطبيق إحدى الحياتين على الأخرى» (9). وحين يتحدث السيد الطباطبائي عن سورة الحمد: ?الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ? يقول (وأما ?الْعَالَمِينَ?: فهو جمع العالم بفتح اللام بمعنى ما يعلم به كالقالب والخاتم والطابع بمعنى ما يقلب به وما يختم به وما يطبع به، يطلق على جميع الموجودات وعلى كل نوع مؤلف الأفراد والأجزاء منها كعالم الجماد وعالم الإنسان، وعلى كل صنف مجتمع الأفراد أيضاً كعالم العرب وعالم العجم) (10). القرآن إذن كامل شامل كل أهل الأرض وما يتعلق بهم، وكل زمان الأرض