ـ(447)ـ في الطب والهندسة والفلك والرياضيات والكيمياء، وإنّما هي متفرقات وأوليات أملتها التجربة، ففي الطب مثلا عرفوا بعض العقاقير واستعمالاتها من خلال التجربة لا وفق أنظمة علمية وقوانين راسخة وقبلها كان الفلك فهي معرفة علمية ترتبط بالحاجة ولا تقع ضمن مفاهيم ونظريات (5) يقول صاعد الأندلسي «للعرب مع هذا معرفة بأوقات مطالع النجوم ومغاربها وعلم بأنواء الكواكب وأمطارها على حسب ما أدركوه بفرط العناية وطول التجربة لاحتياجهم إلى معرفة ذلك في أسباب المعيشة لا على طريق تعلم الحقائق»(6). ومثل الطب والفلك، معلومات في الحيوانات وطبها والزراعة وبعض الصناعات كصناعات الأسلحة ونحت الآلهة وغيرهما مما كانوا يحتاجونه كل ذلك كان على وفق الحاجة والاستعمال اليومي الموقت، دون ان تكون هناك قوانين وأنظمة تحكم معلوماتهم وصناعاتهم. هذه هي صورة مختصرة للوضع الاجتماعي والمعرفي والعلمي في العصر الجاهلي، نقلناها لضرورة مقارنتها بالوضع الذي حدث بعد نزول القرآن الكريم وسيادة الإسلام في أوساط الجزيرة العربية وانتقالها فيما بعد إلى المنطقة الإسلامية برمتها العراق، فارس، سورية، مصر... لقد نزل القرآن الكريم في الجزيرة العربية، وعلى صدر محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن ـ في الحقيقة لم ينزل للجزيرة وحدها، ولا لزمان محمد وحده، وإنّما كان منذ البداية مصمما (ان صح التعبير) إلى كل العالم، والى كل الزمان زمن محمد الرسول الأعظم وما بعده والى قيام الساعة ـ كما ذكرنا ـ والآيات التي تدل على هذه الشمولية ليست قليلة، بعضها صريح واضح، وبعضها تستشفه من خلال الآيات القرآنية جميعها، فحين تقرأ القرآن لا تجده يخاطب فئة