ـ(99)ـ بعمليات الانفصال وتمزيق كيان الدولة(1). مضافاً إلى تقييد نشاط بعض المذاهب الفقهية دون غيرها ومطاردة أصحابها مما جعل النزاع يطفو على السطح حيث راحت المذاهب المغلوبة تذهب إلى العنف في انتزاع حقّها في الحياة وهيأ ذلك القيام بثورات سياسية عديدة وتكتلات جانبية وألوان عنيفة من التمرد وساد على ضوءه نوع من الاضطراب السياسي والاجتماعي كان سبباً في اختزال الأمة لسنوات طويلة. د ـ ضعف الجهاز التربوي لدى الأمة لاسيما في العهد العثماني الممتد قروناً; فأهمل فيه شأن العلم والتثقيف الجماعي وساد الجهل الفضيع وتفشت الأمية في الجماهير مما كان للكتاتيب الدور المهم في التعليم بالطرق الملتوية ووضوع المناهج الصعبة. هـ ـ عدم قيام حركة فكرية واعية تواجه التيارات الغازية وتلك التناقضات والسلبيات في حياة الأمة; ولو تظافرت جهود الواعين يوم ذاك لإيجاد مثل هذه الحركة لكي تتحرك الأمة وتعيد سيادتها من جديد بروح إسلامية أصيلة لا تقبل الوسطية ولا أنصاف الحلول ولا المهادنة لما حلّت علينا الفاجعة بهذه الفخامة. صحيح ان بعض الواعين من أبناء أمتنا تزعموا نهضة إسلامية واسعة ولكنها أفقدت عامل الخبرة والتخطيط(2). هذه هي أهم العوامل خطورة في وضع الأمة التي جعلها على الهاوية ولقمة سائغة لاعدائها الصليبيين. لقد انتصر المسلمون على الصليبيين وهزموهم شر هزيمة في حرب دامت ثلاثة قرون لكن الصليبيين استفادوا من انكسارهم ولم يستفد المسلمون من انتصارهم; فقد ____________________________________________ 1ـ انظر التاريخ الأوربي الحديث للجنة من المؤلفين. 2ـ انظر: الرجل الإعصار، لثابت المدلجي.