ـ(98)ـ الرومانية ـ البيزنطية ـ التي مثلت الكيان السياسي لأوربا على الصعيد الدولي; وكان من نتائج تلك الهزائم: تقطع الدولة واختفاءها تحت مطارق الزحف الإسلامي في القرن الخامس عشر الميلادي، ومحاصرة الجيوش الإسلامية عاصمة النمسا في قلب أوربا ذاتها حتى دفع ملكها ضريبة الجزية خضوعاً منه لسيادة الدولة الإسلامية مضافاً إلى الهلع والخوف الذي زرعه المسلمون في قلب أوربا على اثر الزحف المتوالي الذي انهال عليها من طريقها الغربي في تلك البقاع وقد ولدت تلك الأحداث المتوالية ردود فعل شديدة تجسدت في الحروب الصليبية ذات خطورة لو أن الأمة الإسلامية كانت على مستوى المعركة مع أعدائها التقليديين; لكنها ومع الأسف بدت جسداً هامداً يلفظ أنفاسه الأخيرة إذ كانت تحمل على صدورها شارة القابلية على أن تستعمر(1). وسبب ذلك يعود لعوامل تفاعلت على مرور التاريخ الإسلامي منها: أ ـ إقصاء القادة المبدئيين عن الميدان العملي الإسلامي وتولي رعاية شؤون الأمة أُناس لم ينضج الإسلام في نفوسهم بصفته المذهبية الصحيحة. ب ـ ظهور الزنادقة وحركة الوضاعين الذين كان لهم دور خطير في تشويه معالم الإسلام ومقاومته على الصعيد الفكري; والدس فيه مما هيأ لظهور بلبلة فكرية هائلة في كيان الأمة لاسيما أيام الحكم العباسي(2). ج ـ زرع بذور التفرقة من قبل الحكومات المتعاقبة في صف الأمة وذلك عن طريق تقريب عنصر بشري إلى الحكومة وإسناد المهام السياسية لـه على حساب غيره مما كان لها الدور الخطير في زرع بذور العداء المرير بين شعوب الأمة. وإعطاء الفرصة لاعدائها للقيام ____________________________________________ 1ـ شروط النهضة لمالك بن نبي، ص 229. 2ـ السنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي لمصطفى السباعي ص 76.