ـ(100)ـ استفاد الصليبيون من حركة الإصلاح الديني أمثال حركة "مارتن لوثر" و"كالفن" تحت تأثيرهم بالفكر الإسلامي وكان شعارهم: الإيمان برفع الوساطة بين الله والإنسان، والوحدانية وحرية التفكير الفردي في شرح الكتاب المقدس وغيرها فتحرروا واستعادوا تكوين مجتمعهم بعيداً عن سلطة الكنيسة وتقدموا في مراحل الإبداع والمعرفة، لكنهم لم يتناسوا هزيمتهم على يد المسلمين الذين بدأوا في الانحطاط والسير إلى الهاوية وصار أمرهم إلى أحزاب وشيع وبلادهم إلى دويلات فشاعت الخرافة وكثرت الفرق وتضاربت الأقوال، ونشرت الشعوبية سموم حقدها القديم على الإسلام ولوثت صفاء الإنسانية، وهكذا اندفع الاستعمار بكل ثقله لتمزيق الأمة الإسلامية الممزقة.. وكانت أولى مراحل الإبقاء على الضعف في الصف الإسلامي هي الطائفية والشعوبية، وتجسدت هذه المرحلة في عمل المستشرقين، ثم جاءت مرحة الاستغلال البشري والاقتصادي وتوطين الفكر العلماني. وقام الغرب بوسائله الخفية لتشجيع الحركات الانفصالية عند المسلمين أنفسهم فشجعوا الحركات القومية; وأخذوا يرسلون البعثات التبشيرية باسم العلم والإنسانية لغزو العالم الإسلامي فرصدوا لـه الميزانيات الضخمة لتمكين دوائر الاستخبارات السياسية والاستعمار الثقافي معتمدين على النصارى الذين سكنوا العالم الإسلامي. قال "ليبولد فايس" في كتابه "الإسلام على مفترق": أن النهضة أو إحياء الفنون والعلوم الأوربية باستمدادها الواسع من المصادر الإسلامية والعربية وعلى الأخص كانت تعزى في الأكثر إلى الاتصال المادي بين الشرق والغرب، لقد استفادت أوربا أكثر مما استفاد العالم الإسلامي ولكنها لم تعترف بهذا الجميل وذلك بأن تنتقص من بغضائها للإسلام بل كان الأمر على العكس من ذلك فان تلك البغضاء قد نمت مع تقدم الزمن. أمّا تحامل المستشرقين على الإسلام فغريزة موروثة تقوم على المؤثرات التي