ـ(96)ـ الصعيد العملي والفكري الذي تقبع به الأمة منذ مطلع هذا القرن وان أي فهم سوى هذا الفهم لواقع أمتنا يعتبر فهماً هزيلاً فاقداً للصفة العلمية والموضوعية. وأهم تلك الركائز التي كانت السبب في أضعاف المسلمين وإلغاء الشخصية الذاتية للأُمة هي: أولاً ـ الغزو الاستعماري: ويقوم هذا الغزو على ثلاثة ركائز هي: أ ـ السياسة الاستعمارية. ب ـ الثقافة الاستعمارية. ج ـ الاقتصاد التبعي. وقبل أن نقدم التحليل المتكامل لهذه الركائز نشير إلى نقطة هامة هي: كيف ولدت أوروبا المعاصرة التي تهدف قبل كل شيء إلى أن يسود العنصر الأوروبي على الأمم بأي ثمن كان انطلاقاً من طغيان العنصر الذاتي الذي يمثل لحمة الحضارة الأوروبية وسُداها وانبثاقاً من السعي خلف تحقيق أكبر حجم ممكن من اللذة والمنفعة مضافاً إلى طابع الاستعباد الذي تصبو إليه أوربا ابتداءً ; مما أعطى الهجمة الأوربية مزيداً من الضراوة في عملية تخريب الكيان الإسلامي وهدمه على شتى المستويات؟ لم ترو أرضية الإنسان الأوربي في بداية تاريخه بينابيع النبوة الصافية فقست نفسه وتبلدت آفاق روحه فعاد يبحث عن مقدساته في التراب لكن بحثه تمخض عن وثنية بليدة ومادية ماجنة لا تعرف للروح معنى، ولا للوجود دلالة غير المتع المسعورة ; وانسابت التعاليم الغربية في ربوع الجو الخانق فواجهت التحجر والقسوة مما أدى إلى أصابتها