ـ(94)ـ مسؤولية من الفخامة بمقدار ما هي عليه من شرف ليخشع أمامها القلب دون أن يخاف لأنها مستمدة قوتها من القدرة المطلقة الإلهية. وهكذا صهرت الشعوب والقوميات تحت كلمة الإسلام الخالدة. ثامناً: ومن منابع القوة عند المسلمين: دعوة الإسلام إلى الوحدة بين المسلمين. وهذا الحل الإسلامي هو الذي يمكن أن تجتمع عليه الأمة الإسلامية; وهو القادر على حفظ التوازن بين الروح والمادة وبين الدين والدنيا، وبين الفرد والمجتمع; وأما الحلول المستوردة الأخرى فان الأخذ بها سيمزق الأمة الإسلامية ويفرقها بدداً ويحول بينها وبين الوحدة المنشودة فتتحول تلك الأمة الكبيرة إلى أمم صغيرة متنازعة أو لقيمات يسهل ابتلاعها; ففي الإسلام وحده تذوب العصبيات القومية والإقليمية ; والفوارق اللونية واللغوية والطبقية، والتماسك ثابت في أصل الشريعة. ولا نعني بالتماسك بالضرورة الجانب الإيجابي منه وهو العمل الميداني المشترك بقدر ما هو إلغاء الجانب السلبي في التعامل من النظرة والتحدث والتطاول على الآخرين فتكون الوحدة في المنهج الإسلامي عاملاً مساعداً في دفع المسيرة إلى تحقيق النصر. وإذا كانت الأمة تأخذ شرعية التعدد من مبدئها ورسالتها فان الإسلام بمفهومه التكاملي هو الذي يوحد هذه الكيانات والهياكل الاجتماعية الثقافية والسياسية والقيادية. والتعددية ليست اتجاهات مبدئية يختلف بعضها عن البعض الآخر وكأن لكل منهم عقائدهم ونظمهم وتقاليدهم الخاصّة; لانّ هذا الفهم مرفوض في الشريعة باعتبار أن الكل ذو أصول مشتركة وهدف واحد; وإنّما هي اجتهادات في الأسلوب واختيار الانجح في العمل والأقرب لتحقيق الهدف، وهي أعمدة لبناء وحدة يرتكز عليها المجتمع في حضارته ونهضته في الظروف العادية أو المضطربة وفي ظروف خلق المجتمع الإسلامي للتعددية