ـ(92)ـ هذا الركب الحضاري وتدفعها إلى مفاهيم العطاء والبذل وغيرها; ولقد قدمت التجربة الإسلامية أمثلة حيّة مختلفة الرؤى واضحة المعالم يمكن للبشرية أن تحتذيها وتجعلها مصدراً للإمداد والعطاء والقوة; بل وتدعو إليه. لقد عاشت التجربة تلك المثل الديمقراطية والماوية والشيوعية في مختلف أشكالها واتخذت صيغاً مختلفة فلم يحصل منها إلا النظرة الضيقة ولم يرها إلا تعسفات ودكتاتورية; ولم يتحدد في نفسها مثالاً دقيقاً واضحاً لما تريد المساهمة في بنائه وبذل كيانها من أجل تحقيقه. يقول "أريك جونستون" رئيس الغرفة التجارية الأمريكية: إنّ تعريف الرأسمالية في المعجم أصبح ميتا كالحيوانات المنقرضة فالرأسمالية حشد رأس المال.. نفوذ رأس المال حين ينحصر في أيدي رجال قلائل; وقد عاش رجال الأعمال أمداً طويلاً في ظلال هذا التعريف.. وهو لا ينطبق إلا على ما مضي من عهود السلب والنهب والسالبين المحتكرين"(1). ولقد تعرض الكثير من المفكرين الغربيين إلى هذه الأزمة مثل "تورمان أرنولد" في أسطورة الرأسمالية; "والبرت أكان" في مصرع الديموقراطية في العالم الجديد. و"انورين بيفان" في "بدلاً من الخوف"، و"هنري فورد" في "لماذا كانت الرأسمالية تعني الحرب" وغيرهم(2). ولم تكن هذه التجربة تقدم أطروحة تكاملية حول هدف الإنسان ومسيرته; وأما الإسلام فانه وضع الأمثلة الحية لـه لكي يندمج مع أعمق مشاعره وأحاسيسه وتتفاعل معها ____________________________________________ 1ـ أزمة الحرية في عالمنا لخالد محمد خالد: 123. 2ـ انظر المصدر نفسه.