ـ(91)ـ مسيرة العدل على الأرض(1). خامساً: واستطاع الإسلام بشموليته أن يحفز الطاقات لتكون مصدر القوة وجعلها تتبع طبيعة الانسجام إيجاباً وسلباً مع التكون النفسي والتاريخي للافراد; باعتبار أن الإسلام يمارس دوره ويتعايش مع التكتلات البشرية لربط العلاقات القائمة بينهم; ووضع الصيغ المناسبة والخطط الصحيحة في مسير تنمية الطاقات البشرية وصهرها في بودقة العمل وتحريك إمكاناتها عكسياً ضد التخلف والجهل; وكانت تتعمق تلك البرمجة الصحيحة في مشاعر الأمة ونفسياتها، لان التنمية الحضارية لا تتم وسلامة البناء لا تحصل بصورة متجزئة وبعيدة عن الواقع وإنّما تتم باستنفار كل القوى المتفاعلة لإزالة التخلف ورفع حالة الجمود والكسل عنها والنفخ في جسدها وإعطاءها الحيوية في هذه المسيرة. لقد بدأ الإسلام في تغيير ذات الإنسان أولاً لينطلق بعده إلى تغيير المجتمع بكل ما علق فيه من رواسب جاهلية ولم يتم هذا الآمن خلال تطوير المفاهيم المادية عن الكون والحياة، وزرع القيم والمبادئ الإنسانية والميول المعنوية كما ذكرنا فالنقد الذاتي ثم الجهاد الذاتي فالتربية الذاتية هي الأطوار المهمة في عملية التغيير الحضاري ـ للإنسان تغييراً خلاقاً; ولا يختار الفرد هذه الأطوار منعزلاً عن الآخرين حتى يعيش في متاهات صوفية دينية، بل يبقى ملتزماً معهم في الصراع; ولا تتم عملية التغيير هـذه إلاّ من خلال تعرضه لعواصف هذا الصراع وأمواجه(2). سادساً: ومن عوامل القوة عند المسلمين: التجربة الواضحة وارتباطهم العاطفي بالرسالة; فان الإنسانية كانت بحاجة واقعية إلى أمثلة واضحة للنمو والقوة تجعلها تساهم في ____________________________________________ 1ـ منابع القدرة للصدر ص 25. 2ـ ثورة الطلاب في العالم: حسن صعب: 56.