ـ(90)ـ وأما إذا تعدينا مرحلة التجربة في واقعنا المعاصر; فذاك الإمام الموسوي الخميني الذي قاد شعبه تحت راية الإسلام نحو النصر وأسقط الشاه الطاغية; لكنه لم يؤثر على بيته القديم بيتاً; بل عاد إلى نفس البيت الذي نفاه الجبارون منه ليقدم الأطروحة الإسلامية والمثل الأعلى والدليل الأكمل على أن الإمام عليه السلام لم يكن شخصاً معيناً وانتهى، وإنّما هو الخط الإسلامي الأصيل الذي لا ينتهي، والذي يبقى يفجر الطاقات الهائلة ويمدّها بالعطاء الروحي والمعنوي ويجعل كل منهما مستجيباً لعملية البناء. رابعاً: ومن عوامل قوة المسلمين; توجه الإسلام في مستوى التعامل الدولي إلى بذر القيم والأخلاق السامية في المجتمعات المتهرئة والمنحطة، وإعطاء الأطروحة الإسلامية كبديل عن تلك الأنظمة الوضعية والقائمة أساساً على الامتصاص والاستغلالية للشعوب الضعيفة، بل يقوم على أساس التوازن والعدالة الذي امتلأ ضمير الدولة الإسلامي بها، لا مجرد عناوين تستثمر بها الشعوب وفقاً للمصالح الخاصّة وهناك نماذج حيّة في هذا المجال نذكر منها ما نقله التاريخ أن عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي أرسل قتيبة إلى سمرقند البلد الكافر آنذاك; فلما فتحت لم يفِ هذا القائد لأهل البلد بالبنود التي اتفقوا معاً عليها; فشكاه أهل البلد إلى الخليفة فأمر الخليفة قائد الفتح هذا وأهل البلد بالمثول بين يدي القاضي ليحكم بينهم بالعدل; فحكم القاضي لأهل البلد وألزم الجيش الفاتح بالانسحاب!! ففي أي نقطة من العالم قديماً وحديثاً يرغم الجيش الفاتح على الانسحاب، لا من قبل هيئة دولية أو مؤسسة عالمية بل من قبل القضاء الذي ينتمي إلى نفس الدولة التي ينتمي إليها الجيش؟! ولا شك في أن تعامل الدولة الإسلامية بهذه الروح يؤدي عالمياً إلى ايقاض الضمير الإنساني وتوعيته على مفاهيم العدل والحق ومن ثم تحريكه للمساهمة في