ـ(84)ـ وهذا كما ترى تعريف واسع منه وللمدنيه; فلم يقتصر إبداعها على جنس دون جنس ولم تحد انطلاقاتها بإقليم دون آخر أو قومية دون أخرى. وقال جورج حنا موجهاً انتقاده "لأرنولد تويبني" الذي رأى أن الدين هو المرتكز الأساسي في تكون الحضارات باعتباره البارق الوضاء للاشراف الإلهي قال: الحضارة ليست عبادة ولا تنسكاً ولا إحساناً ولا شيئاً مثل هذا.. بل هي علم وفن وتقدم ومجتمع قائم على العلم والفن والتقدم المادي قبل كل شيء، الذي انبثق عنه التقدم الروحي وعليه تتوقف الكفاءات لخلق قيم إنسانية وحضارية(1). وأنت ترى كيف يرفض " حنّا " أن تكون العبادة والإحسان من مواضيع الحضارة وأسسها; لان الحضارة في نظره تقوم على الجوانب المادية والفنية التي يؤتي ثمارها التقدم العلمي، ونفى الروحيات والأخلاقيات وإبعادهما عن الدائرة الحضارية; وهذا الفهم منه ينطبق مع ما تراه الماركسية حين اعتقدت بان العامل الاقتصادي وأساليب الإنتاج وحدهما اللذان يحددان صورة الحياة وقيمها الاجتماعية والخلقية والسياسية بل وحتى الروحية(2). ويرى "تويبني" أنّ الحضارة حصيلة عمل الإنسان في الحقل الاجتماعي والمناقبي(3). وعليه فان النشاطات الاجتماعية المشتملة على الأعراف والعادات والقوانين والنظم والموروثات الخلقية والفكرية من الأسس والموضوعات الحضارية التي تعبّر في أنماطها ____________________________________________ 1ـ الحقيقة الحضارية لجورج حنا: 46. 2ـ المصدر نفسه. 3ـ الحقيقة الحضارية: 28.