ـ(8)ـ الإسلامية للحكم استنادا إلى رأي كل المذاهب الإسلامية، ودراسة اختلاف الآراء في هذا المجال بين أصحاب "النص" وأصحاب "الانتخاب"، والتأكيد على ضرورة ردّ الشبهات التي تواجهها النظرية جرّاء التطبيقات الخاطئة. ولا يهتموا فقط بالحديث عن أن المعيار في الحكومة الإسلامية هو النص أو الانتخاب، الخلاف الذي طال واستمر أكثر من ألف سنة بين الباحثين واستوعب وشغل أفكار العلماء من الفريقين وأوقاتهم وجهودهم فصرفهم من الناحية العملية للحكومة إلى البحث والنظر والجدل فملأوا آلافاً من الكتب والصحف في ذلك ولازالوا من دون جدوى عملي سوى التخاصم والتنازع بل العداء المستتبع للحروب والتي اغتنمها الحاكمون طوال الزمن فرصة ذهبية للغلبة على خصومهم الألداء فخضعت الشعوب لهم بحجة الدفاع عن العقيدة غافلين عما يجري في بلدانهم على يد هؤلاء الحكام من الظلم والجور والفسوق والتهاون بالشريعة وهتك الحرمات ـ وفي القرون الأخيرة بالذات ـ والخضوع للقوى المستكبرة باذلين أموال الشعوب المستضعفة وصرفها لصالح هؤلاء الأجانب. واستطاعت بحوث المؤتمر ـ ولله الحمد ـ ان تغطي جانبا كبيرا من هذا الهدف، وتبين من خلال هذه الدراسات أن الفقه الإسلامي قادر على إعطاء الإطار العام لنظرية الحكومة الإسلامية، ولكثير من التفاصيل التي ترتبط بالحكم وأسلوب الحكم، كما ان هذه النظرية سواء قامت على أساس فكرة النص أم على أساس فكرة الانتخاب تعطي للمشاركة الشعبية في الحكم مساحة واسعة، بحيث يمكن القول بأن الرأي الشعبي ـ بعد الفقه ـ له الدور الكبير في تعيين مسار النظام الإسلامي. الدور الشعبي واضح في نظرية الانتحاب، أما في نظرية النص فان الحكومة الإسلامية لا يمكن أن تقام دونما بيعة شعبية، والإمام المنصوص لا يفرض نفسه على الأمة، بل يكتفي بأن يضع الأمة أمام مسؤولياتها، ولا تقوم عليه الحجة للقيام بالأمر إلا بعد البيعة، كما يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: "لولا حضور الحاضر" وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظة ظالم ولاسغب مظلوم لا لقيت حبلها على غاربها". لكن الذي حدث بعد عصر الخلافة الراشدة وبعد خلافة علي عليه السلام بالذات، إنّما هو