ـ(564)ـ والتكييف، إذ ليس من السهل ان يترك كل منا مذهبه، ويتبع مذهباً آخر إذ ليس من السهل على المسلم أن يترك مذهبه الذي نشأ في ظله وترعرع على محبته، واقتنع بمضمونه، ولكن من السهل عليه أين يفتح قلبه لرأي الآخرين ويبادلهم الاحترام والمودة ويتعاون معهم على البر والتقوى، ويعتبر نفسه عضواً في الجسم الإسلامي له ميزته ووظيفته التي تندرج في مصلحة هذا الجسم والمحافظة عليه. وعليه أن يبتعد عن مواطن الطعن والإثارة للمشاعر، التجريح والتباغض والتقاطع، وعليه الإثبات قبل الحكم، وعلينا جميعاً عدم الغوص في التاريخ الداعي ونبش قبوره لما في ذلك من إثارة المشاعر والهاب الصدور، فالتاريخ حكاية المنتصر، وهو أدب وليس بعلم، فالعاطفة تلعب دورها في تضخيم بعض الأمور، إخفاء بعضها الآخر، وطمس الحقائق ولكل منا الحق في احترام شخصيته التاريخية التمسك بها ولكن ليس له الحق بأن يتعصّب لها ويقاتل الآخرين لأجلها. وكذلك علينا أن لا نقحم ما مضى في حاضرنا ومستقبلنا فقد مضى أمس بما فيه جاء اليوم بما يقتضيه فنحن اليوم أمام مواجهة الكفر كله، ولا حيلة لنا إلاّ أن نجند الإسلام كله ونعمق الإيمان في نفوسنا بلا عصبية أو تعصب، العنصرية تفسد صفاءنا، وتقض مضاجعنا، ففي الإسلام مبادئ تجمعنا، هذه المبادئ التي هي أكبر وأجل من المسائل الخلافية ومشكلة المسلمين هي قلة تعارفهم، وان الأهواء السياسية والعصبية أدخلت على كل فريق تهما ومطاعن كانت سبباً للتباعد والتناكر، والادهى من هذا كله عدم محاولة كل فريق أن يتعرف على آراء الفريق الآخر في مواجهة موضوعية تتم في هدوء ومحبة، ومن هنا يقتضينا الواجب أن نمحص ما يعرض علينا من مسائل الخلاف تمحيص الصادقين المخلصين للحق الذين لا يبتغون الفلح ولا يتنازعون الغلب، وأن نعود كما كنا أمّة واحدة رائدها كلمة الله، وغايتها إعزاز دينه ونشر شريعته. وعلينا أن نعتبر تعدد المذاهب رحمة ونعمة ودليل غنى الإسلام شرط أن نتحرك