ـ(557)ـ والثبور ونزلت بهم عظائم الأمور، وعادت الجاهلية والعصبية تطغى على تفكير القادة وأفعالهم،تجاذبوا العامة إليهم، وأطلقوا شعارات التكفير لهذه الفئة والتفسيق لتلك دون خجل من الله ولا وجل ودون مراعاة لحرية كتاب الله وسنّة رسوله، وتغاضوا عن سلوك الشيخين مسلكية العترة الطاهرة، وتظاهر البعض بالتمسك بما سبق بغية الحصول على مكاسب سياسية، لا إيماناً بأوامره سبحانه ولا انتهاء عن نواهيه. فزرعوا الأحقاد، وأثاروا النعرات، وعبأوا النفوس بحب الانتقام والثار والتعصب، حتى باتت النفوس مؤهلة للإثارة عند الإشارة دون وعي أو أدراك للمطلوب حتى أصبح كل فريق لا يكلف نفسه مراجعة كتاب الله وسنّة رسوله وأقوال أئمته بما يفيد وينفع الإسلام والمسلمين، بل استسلم الجميع إلى رغبات ونزوات القادة وبات المصلحون عاجزين عن التصدي للغرائز الفالتة من عقالها. وأصبح البعض يكيل للبعض الآخر التهم الباطلة والافتراءات الظالمة، وانشغل الجميع عن أعدائهم بقتال إخوانهم والتمثيل بأجسادهم، وتداعت عليهم الأمم وصح حدس الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم عندما تساءل أمام أصحابه بقوله لهم: "كيف بكم إذا تداعت عليكم الأمم كما تتداعى الآكلة على قصعتها" فقال له بعض أصحابه: أمن قلة يومئذ يا رسول الله، فنفى سلام الله عليه وقال ما معناه، انه من حب الدنيا وكراهية الموت. أيّها الاخوة: كان لابد لنا من هذه العجالة التاريخية للتعرف على سبب بلائنا، وبذور الفتن التي تصيبنا بعد أن نمت عبر الأجيال في نفوسنا وباتت كأنها مسلمات لا نستطيع التخلي عنها بل وأكثر من ذلك، وكأنه حرام علينا أن نتخلى عنها حتى بتنا نلعق جراحاً خلفتها سيوف إخواننا لا سيوف أعدائنا في حين ينظر إلينا الأعداء بتشف وشماتة، وحلت بنا المصائب تخلفنا في كافة المستويات ووقعنا في براثن دول الاستعمار والاستكبار والمتآمرين