ـ(556)ـ وأما الخليفة عثمان فقد حمله كثير من الناس مسؤولية المتاعب والتجاوزات التي حصلت في عهده، وأعنف ما واجهه من الجنود الذين كانوا يقاسون شظف العيش في معسكراتهم بينما العطاءات السخية تدفع من بيت المال إلى المقربين، فاندلعت الفتنة وقتل عثمان وبويع الإمام علي عليه السلام بالخلافة، فقاومه منافساه طلحة والزبير بالسلاح في موقعة الجمل قرب البصرة ولكن هما هزما ونقل علي مركز الخلافة من المدينة إلى الكوفة. وحاول علي أن يعزل معاوية الذي كان والياً على الشام من قبل عمر وبعده عثمان فرفض معاوية أن يقرّ لعلي بالخلافة، وتطور الأمر إلى القتال، وكانت معركة صفين تسير لصالح علي لولا لجوء البعض إلى رفع المصاحف على رؤوس الحراب وارتفع النداء: لا حكم إلاّ لله، وقد ظهرت البلبلة في صفوف معسكر الإمام عليّ بين مؤيد لوقف القتال وبين رافض له. وعندما قبل علي التحكيم، أثار قراره هذا سخط الرافضين من أتباعه وخرجوا من صفوفه وسموا بالخوارج، وكان مقتل علي على يد أحدهم وهو يصلي في مسجد الكوفة سنة 40 للهجرة، وانتهى العمل السياسي في حدود المنهجية الدينية الإسلامية وبدء عهد معاوية ووارثيه. وكانت المجازر الغادرة الرهيبة تنزل في آل البيت وأتباعهم ما ملاء بطون التاريخ من الفواجع والآلام. ورافق ذلك التلاعن المتبادل على المنابر، واخترعت الأحاديث الكاذبة ونسبت إلى سيد المرسلين، حتى كادت تطغى على الأحاديث الصحيحة النسب إليه. وتفرقت الأمة وكثرة المذاهب، وكثر علماء السوء والمجتهدون المغرضون،تعصب الاتباع لبعضهم ولم يتمسكوا بكتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم، وحل بهم الويل