ـ(555)ـ ثانياً : لان الولاية أو الوصاية في مفهوم اتباع المدرسة التوحيدية والتي لنا شرف الانتساب إليها ـ هي ولاية دينية وهمها الأول المحافظة على الإسلام وكتابه ودعائمه بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وآله وسلم. ثالثاً : لان الإمام علي عليه السلام يعلم جيداً بأن الشيخين أبو بكر وعمر يقدر انه ويعرفان منزلته السامية وكان يعودان إليه في حل المعضلات. وأما عمر، فقد أوكل إلى ستة من كبار الصحابة ومن بينهم الإمام علي عليه السلام لاختيار واحد منهم فحصل تباين بين المجتمعين وفاز عثمان بالخلافة. غير ان الواضح قد تغير في عهد الخليفة عثمان، وأصبحت الولاية السياسية متلازمة مع الولاية الدينية، سيما وان اتساع الفتوحات الإسلامية، وتدفق المال الناتج عنها، وكثرة الداخلين في الإسلام من بين الشعوب المغلوبة، قد أنشأت مشاكل لم يقدر الخليفة عثمان على حلها، فساءت الإدارة، وقرب أهله بني أمية الذين استغلوه مما أثار استياء بعض الصحابة في مكة والمدينة. واضطربت الولايات بسبب النزاع القبلي ونزح الفلاحون عن أراضيهم وحصل ضيق وعدم استقرار. وكان بعض الصحابة قد أثرى ثراءً فاحشاً فجمع المال وسكن القصور واقتنى الجواري والعبيد، وهذا مخالف لسلوك الشيخين، وكانت سيرتهم، لا تزال حية في الأذهان وقـد أثار هـذا التهافت على الجاه وملاذ الدنيا غضب المتدينين، وعلى رأسهم أبو ذر الغفاري عليه السلام الذي اشتهر في تعنيفه للمتسلطين والأغنياء. وكم كان ينكر على معاوية مخالفته لكتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم فقد قال له عندما بنى الخضراء:"يا معاوية، إذا كانت هذه الأموال من مال الله فهي الخيانة، وإن كانت من مالك فهذا الاسراف".