ـ(554)ـ وخير تعبير في وصف ما كان يتخبط به المجتمع آنذاك ما ذكره جعفر بن أبي طالب للنجاشي في قولـه: "أيها الملك كنا أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف. وفي ظل هذه الأجواء بعث النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلّم وما زالت مراكز القوى تلك تتضخم وتتعاظم على حساب ضياع البشرية وموت مبادئها الروحية والأخلاقية. فواجه صلى الله عليه وآله وسلم هذه القوى التي شكلت أعنف مواجهة شرسة وقتال غير متكافيء من حيث العدة والعدد وكان للقلة المؤمنة الانتصار المشرف على الكثرة الباغية، وتنامى الإسلام وأصبح قوة مرهوبة الجانب بقيادة الرسول الأعظم ومساعدة المؤمنين الطاهرين. وبعد موت النبي صلّى الله عليه وآله وسلم انقسم المسلمون بغيابه إلى فئتين فئة المهاجرين الذين هاجروا مع النبي من مكة إلى المدينة وفئة الأنصار الذين رحبوا به وأيّدوه، وادعى كل من الفريقين الحق في خلافة الرسول وكاد خطر الانقسام يحط بكاهله على صدر المسلمين إلاّ ان عمر بن الخطاب أقدم بحزم وأخذ بيد أبي بكر الصديق وبايعه الحاضرون وقد عين أبو بكر عمراً خليفة له. وفي أيامه لقب الخليفة بأمير المؤمنين. وكثير من المسلمين ومنهم أتباع المدرسة التوحيدية التي كانت برئاسة الإمام علي عليه السلام وعضوية سلمان الفارسي وعمار بن ياسر والمقداد وغيرهم لم يحركوا ساكناً باتجاه الخلافة لعدة أسباب منها: أولاً : لان الإمام علي عليه السلام وهو سيف الإسلام سكت عن المعارضة فاعتبر موافقاً.