ـ(538)ـ فالقرآن يوجه القيادة الإسلامية في أن تهيأ أجواء الأمان والطمأنينة للعدو ليكسب العقول والنفوس من خلال آلية خطابية تعتمد الذكاء والمرونة، والانفتاح، رافظاً الانفعالية، وهذا معناه انه يفتح الطريق أمام خصومه ليطرحوا الأفكار والمباني التي تزخر بها عقائدهم. فلا ينفعل أو تسري إلى نفسه روح الانهزامية الفكرية، مادام يعتمد في أسلوبه ومنهجه على القدرة الإلهية المطلقة التي تزوده بكل أدوات المعرفة واليقينية للخط الذي سار عليه. ولهذا يدعوه القرآن إلى الصبر وعدم إبداء الضيق قال تعالى: ?وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ $ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ?(58). وقولـه تعالى:?أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ?(59). والقرآن الكريم يريد أن يضع الرسول أمام هذه الحقائق والسنن الاجتماعية، فالتجرد والرفض والعناد والمكابرة مفاهيم متأصلة في سلوك المجتمعات فهي بحاجة إلى التروي والحكمة والأسلوبية للتخلص منها بلا مجافاة أو لا أبالية تعمل على هتك حرمة العلاقات الاجتماعية أو تُنفرز المجتمع من قيادته ولهذا نجد الإمام علي عليه السلام يوصي أحد ولاته بالموازنة والسلوكية المنضبطة عند مواجهة الناس فيقول عليه السلام: "واخفض للرعية جناحك وألن لهم جنابك وآس بينهم في اللحظة والنظرة"(60). 3 ـ التواضع: وهذه من أبرز الخصائص الأساسية في الفكر السياسي الإسلامي، فالتواضع يعمل على تأسيس وتكوين قوة اجتماعية كبيرة تلتف حول القيادة الإسلامية، حتى أن القرآن الكريم وسيرة الرسول وأهل بيته ركزت على هذه الخصيصة لأهميتها ودورها الاجتماعي