ـ(537)ـ 2 ـ الأسلوب وآلية الخطاب: أما البُعد الأخلاقي الآخر الذي يلعب دوراً خطيراً في عملية التغيير الاجتماعي هو الأسلوبية، وآليات التخاطب الفكري والسياسي، والذي يستدعي توفرها في الشخصية القيادية، من خلال الأسلوب المنسجم مع الخط الإسلامي بصورة عامة، حتى أن القرآن الكريم استعمل مفهوم الحكمة في هذا التعامل والتخاطب. قال تعالى: ?ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ?(55). وهذا النص القرآني يريد أن يقول ابحثوا عن أدوات التخاطب من خلال الدليل والبرهان المنطقي، والأسلوب الذي يكسب العدو ولا ينفره من الدين الإسلامي، كما ان القرآن يطالب المعاندين والجاحدين لمنهج الرسالة إبداء دليلهم في القضايا التي يطرحونها "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" فانه يوجه المسلمين إلى الالتزام بهذا المبدأ الفكري العام للوصول إلى الأهداف العليا في حركة الإسلام، لذلك دعى الله نبيه إلى الابتعاد عن أسلوب الخشونة والغلظة كما مرّ سلفاً قال تعالى::?فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ?(56). فالآلية، الناجحة في التخاطب الفكري والسياسي قد تفتح الطريق أمام العقد والحواجز التي تعمل على إبعاد الناس عن الفكرة الصحيحة، لهذا أمر القرآن النبي الأعظم أن يفتح قلبه وأحاسيسه للمشركين الذين حاربوه لان هؤلاء قد يعيشون البعد وعدم النضوج العقائدي لتقبل الفكرة الإسلامية وعن طريق هذا الانفتاح الواسع قد يهتدي الإنسان به إلى الصواب قال تعالى:?وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ?(57).