ـ(536)ـ ولا تنطلق من حالة فظاظة لتدمي الإحساس، بل هو اللين والرحمة والعطف والعاطفة والحميمة التي تدخل إلى القلوب بكل عفوية وبساطة ومحبة.."(50). وإذا كان قلب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم يحمل تلك المحبة والعاطفة تجاه أمته فان الأُمة ستنقاد إليه، مادامت تتحسس تلك العاطفة الرحيمة الودودة، لهذا فالقرآن يوجه الأُمة في الانقياد والطاعة للرسول والالتفاف حول قيادته الرشيدة الواعية قال تعالى: ?لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا?(51). وقولـه تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ?(52). وبدون هذه العاطفة وذلك الحنان فان الأُمة ستتمرد على قيادتها عندما تحس منها الغلظة والخشونة والقسوة في المعاملة، فالقرآن يريد أن يوجد رابطة محكمة بين القيادة والقاعدة من خلال هذه المشاعر والعواطف والتي ستترك آثارها الإيجابية في حركة الصراع قال تعالى: ?وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ $ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ?(53). وقد جسّد الإمام علي هذا المعنى في خطابه السياسي لعامله على مصر إذ قال عليه السلام: "واشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولاتكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فانهم صنفان إمّا أخٌ لك في الدين وأما نظير لك في الخلق يفرط بينهم الزلل، وتعرض لهم العلل وتؤتى على أيديهم في العمد والخطأ فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه.."(54).