ـ(535)ـ وقولـه تعالى: ?... فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ?(45). ثم قولـه تعالى: ? وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ?(46). ففي هذه النصوص القرآنية محفزاً قوياً لتهدئة خواطر النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لأنه يتألم ويحزن على سلوك قومه ومعاندتهم لخطه الرسالي فالقرآن من خلال هذه اللفتات يريد أن يُؤسس قواعد في شخصية الرسول كأسس ومنطلقات حركية تخدمه في سيرته الرسالية، وأن تتكون في روحه أن قبول المجتمع لدعوته أو رفضها لا تعدوا أن تكون مسألة طبيعية في خط الرسالة، وان يحمل هم التوازنية، وان لا يتحسس ويتألم من قومه.. ولهذا نجد من خلال ذلك وجود هذا الهم الرسالي الفياض تجاه الأُمة لأن القيادة الإسلامية الميدانية كلما كانت تحمل هذا الهم وتلك الروح، وذلك الإحساس الرسالي المرهف كلما كان لها التأثير العملي والواقعي في حياة الناس. فتتلاحم معه، وتذوب في خطه ومنهجه. قال تعالى:?لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ?(47). وقولـه تعالى: ?فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ?(48). وقولـه تعالى:?وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ?(49). ولهذا فإننا "نلتقي بالصورة المشرقة المتمثلة في رسول الله في قلبه الكبير الرحيم الرقيق الذي يتسع لكل مشاكل المسلمين وأخطائهم فلا يتعقد ولا يتشنج ولا يضيق ولا يقسو، بل ينفتح ويتسع ويرق ويلين، وفي أسلوبه الرقيق الذي يتفايض بالأحاسيس الطيبة والمشاعر الطاهرة، والنبضات الرحيمة.. فلا تتحرك كلماته من موقع قوة لتؤذي المشاعر،