ـ(528)ـ ?لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ?(26). وقولـه تعالى:?فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ?(27). ومن خلال ذلك يتضح إرسال الأنبياء والرسل قادة للأُمة، لماذا لم يختار الله ملائكة لأداء هذا الدور الرسالي الخطير؟ وهذه شبهة أثارها المشركون بوجه رسول الله كما مرّ سلفاً: ?وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا?. ومن الواضح ان الرسول(الإنسان) يختلف جوهرياً عن الرسول(الملك) لان الرسول(الإنسان) يمتلك من مقومات الإنسانية ما تجعله أن يؤثر في الحياة الإنسانية، فيكون القدوة في حياة الإنسان، القدوة في الحركة، القدوة في الفعل، القدوة في العمل، القدوة في التفكير، القدوة في العواطف والأحاسيس، ولهذا فان الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم لم يأمر قومه بشيء إلاّ أتمر به قبلهم، ولم ينهاهم عن شيء إلاّ ونهى نفسه عنه أولاً لهذا يكون قدوة وأسوة لهم يتأثرون به فهو يأكل كما يأكلون، ويشرب كما يشربون، وينكح كما ينكحون النساء ويحب ويبغض وينام ويمشى، ويتعب فيستراح... وهكذا فان الرسول(الإنسان) تتوفر عنده كل الخصائص والمقومات الإنسانية، مادية ومعنوية معاً، أما الرسول(الملك) فانه يفتقد الكثير من هذه المقومات، لهذا لا يصلح لأداء هذه المهام الاجتماعية الخطيرة فيكون نصيبه الفشل في الميدان لأنه سيواجه نوعاً من المخلوق يختلف عنه جوهرياً. لذا تأتي حكمة وفلسفة بعث الأنبياء كقادة للناس من النوع الذي يتأثرون به ويتأثر بهم، وهذا التأثر بين القيادة والأُمة لا يأتي جزافاً، بل يأتي من خلال الحس والروح الاجتماعية التي