ـ(524)ـ وقد أنجز الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم بنفسه المهام الأساسية في الحكم والإدارة، وتشريع القوانين وتنظيم حياة الفرد والجماعة، يمارس هذا الدور بحكم ولايته الشرعية المطلقة على الناس، وهذا ما يتطلب فيه من القدرة العلمية في تنظيم وتشريع هذه القوانين. وقال الإمام علي عليه السلام: "يا أيّها الناس إنّ أحقّ الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله"(15). فالعمل السياسي والفكري النهضوي الذي يستهدف في تحركه إقامة الدولة والمجتمع الصالح يتطلّب قيادة إسلامية عالمة بالأحكام والقوانين التشريعية ومصادرها الأساسية، لأن الأحكام والتشريع هو العمود الفقري لجسم الدولة وهو يحدد مسيرتها وإطارها الفكري العام. والفقيه، العالم هو صمام الأمان لتنفيذ مبادئ الشريعة على أساس قدراته الفقهية التشريعية الفذة حتى لا تتخبط مسيرة الدولة في متاهات القوانين الوضعية.. ولهذا فالقرآن الكريم يرفض كل المقاييس والمعايير عدا المعيار العلمي، والقدرة الكفائية في بعث القادة الرساليين قال تعالى:? وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ?(16). فالعمل التغييري الثوري والتجديدي ينطوي على تغيير في المفاصل الفكرية والعقيدية في حياة الناس وهذا ما يستدعي إلى توفير قواعد فكرية، وقوالبا عقيدية في تغيير المفاهيم السائدة في حياة هذا المجتمع، أو تلك الأُمة، وتلعب القيادة دوراً كبيراً مؤثراً في العمل على توفير الأرضية المناسبة لتأخذ هذه المفاهيم التغييرية موقعها المناسب في حياة الناس، والمسيرة الإلهية حركة واحدة، ذات سلسلة تاريخية ممتدة طويلة وان اختلف الزمان والمكان في بعث الأنبياء، فالحركة واحدة، وغاياتها واحدة، وان اختلفت