ـ(484)ـ مشروع الدولة الإسلامية مطالب بأن يوفر آمناً وعدلاً وفضيلة في قبال الخوف والجوع والابتذال المستمر. والسؤال الآن هو: أين تكمن الإشكالية على هذا المشروع؟ وما الذي يمنع من تطبيقه؟ قد لا يبدو هناك تبايناً كبيراً سواء بين النخب الحاكمة حالياً وبين طلائع مشروع الحكومة الإسلامية، أو بين أفراد الجماعة الإسلامية حول الرهان الأول ـ أي رهان أحياء الهوية الدينية الإسلامية كبديل أكثر أصلة وعمقاً من الهوية الوطنية أو القومية ـ وان كانت هناك بعض التحفظات من هذا الطرف أو ذاك، لذلك فلا مشكلة تذكر على هذا الرهان بشكل أولي، بيد ان الأمر يزداد تعقيداً حينما نصل إلى الرهان الثاني وما يعني من تجديد وإزاحة لنخب رسخت مصالحها وتباينت رؤاها، ويمكن أجمال ما يواجه هاذ الرهان من اعتراضات ومصاعب بما يلي: $ تشبث النخب الحاكمة بمشاريعها، أو قل بفرصها وامتيازاتها. واستحقاقاتها. $ إثارة المخاوف التقليدية التي مرّ ذكرها والتي سنمر عليها لا حقا. $ تحفظات بعض القطاعات الإسلامية ذاتها واختلاف اجتهادها حول مفاصل مهمة كالسياسة وحدودها وشرائط الحاكم وشروط الثورة عليه.. الخ. أما الرهان الثالث، والذي يرتبط ارتباطاً عضوياً مع الرهان الثاني فتشتبك فيه وعليه الاختلافات، بينه ما مرّ ذكره وبينه التشكيك أساساً بقدرة المشروع وآلية التطبيق وما سيؤول إليه، وكذلك كفاءة المتصدين لـه والقائمين عليه. وتتحول التحفظات هنا إلى صراع مرير ينسف كل ما ظن أنه تم التوافق عليه في الرهان الأول والثاني. ففيما يعني شعار تطبيق الشريعة بالنسبة إلى الداعين لـه(الانطلاق في السياسية من مقتضيات الإيمان بالله والخضوع لـه والقبول بتحكيم كتابه وسنة رسوله في كل ما يتعلق بأمور الحياة والمجتمع، ينظر العلمانيون إليه على أنه محاولة لإعادة بناء الدولة