ـ(480)ـ الاجتماعية، بحيث بدا ينذر بتمويل هذا التطور وتقنيته إلى كارثة يمكن ان تطال الوجود البشري نفسه. ولاشك ثالثة ان المجتمعات الإسلامية وهي تعيش هذه الأزمة الكلية تعيش في أعماقها أزمة داخلية مادة ربما لم تقف على مثلها من قبل. وبالتأكيد فإن لك أزمة بواعث أساسية، ونتائج متوقعة، وأساليب مواجهة مفترضة. ولنتساءل ما هو مصدر البؤس والتعسف والانهيار الذي تعيشه مجتمعاتنا؟ وهل يمكن إعادة تشكيل(أفكار، وعواطف ونظم) هذه المجتمعات بما يمكنها من الوقوف بصلابة في هذا المعترك الحاد، أو يمكنها من اجتيازه وترشيد حركته وهدايته إلى طريق الخلاص؟ ان الأزمة التي تعانيها مجتمعاتنا هي بمجملها أزمة نظام وأخلاق، أي أزمة حكومة صالحة. أما مصادر هذه الأزمة وما يتفرع عنها من بؤسس وتعسف وهزيمة فهي: ألف ـ تعاظم القوة والسلطة لدى الأنظمة السياسية الحاكمة في مقابل دحر قوة المواطن وتدمير كرامته وشعورها الدائم بالرعب وهو ما نصطلح عليه هنا بأزمة(فقدان الأمن). ب ـ انعدام التوازن الاجتماعي والاقتصادي وغياب الضابطة التي من شأنها تقنين الفرص، وتقييم الكفاءات وفق معايير العدل والمساواة وهو ما نسميه بأزمة(فقدان العدل). ج ـ عدم قدرة الأنظمة الحاكمة، أو عدم قدرة مرجعياتها الفكرية، على توليد الالتزامات الوجدانية لأفراد المجتمع تلك الالتزامات التي من شأنها لجم الميول والنزعات التي تنجم عن حركة النمو والتطور وعن استثمار الفرص وغير المشروعة وكبح جماحها، وهو ما نطلق عليه بـ(فقدان الأخلاق). وبعبارة موجزة ان أصل الأزمة التي تعانيها مجتمعاتنا هي ان حكوماتها لا تملك