ـ(479)ـ مخاوف المسلمين من قيام حكومة إسلامية وهي مخاوف لا تنبعث من الخيال، ولا من التعصب(كما هو شأنها عند النخب المتسلطة) وإنّما منشأؤها الموروث التاريخي المثقل بتجارب الاستبداد السياسي التي حفلت بها الحياة الإسلامية السابقة، والتي مورست باسم الإسلام والخلافة والإمامة... انها مخاوف حقيقية وواقعية ومن الحق ان تثار، ولكن الحق أيضا ان يصار إلى حلها والوقوف حائلا أمام عدم تجسمها مرة أخرى، وذلك عبر إيجاد الضمانات وصمامات الأمان اللازمة والشرائط المحكمة لانتخاب أولياء الأمور، ومسؤولي النظام، وإعطاء الأمة وطلائعها المؤمنة دورها في الانتخاب والمحاسبة... الخ. ان من الحق إظهار هذه المخاوف، والإعلان عنها، والتذكير بها، وذلك حرصاً على الدين عموماً وعلى التجربة المزمع قيامها خصوصاً، لكن ليس من الحق تتحول هذه المخاوف إلى مفارز تعويق إزاء المشروع ابتداءً، وليس من الحق ان تكون حجة المرض على المشروع مدعاة لاجهاضه أساساً فنحن مع الضمانات ومع الشرائط ومع إعطاء الشعب حقه في الانتخاب والاختيار.. الخ من أجل ترصين المشروع وسد منافذ انحرافه المحتملة ولمن يريد ان يكفي نفسه عناء التنظير ويحتكم إلى التجربة والعمل الملموس، فليلق طرفه على التجربة الزاهرة التي يعيش فصولها الشعب الإيراني وليغترف منها ما يشاء. رابعاً: الحكومة الإسلامية الأزمة ـ الرهانات ـ الأهداف 1 ـ الأزمة: لاشك ان البشرية قد قطعت في هذا العصر أشواطا كبيرة في مجال التطور العلمي والتقني بحيث لا يمكن عقد مقارنة بينها وبين وضعها في أي حقبة زمنية أخرى. ولاشك أخرى أنه حصل مع هذا التطور الكبير تدني كبير في الأخلاق والقيم