ـ(476)ـ وسنكتفي هنا بإيراد دليلين هامين وهما: ـ دليل السيرة النبوية. ـ دليل الأحكام الشرعية. ألف ـ السيرة النبوية دالة على ضرورة تشكيل الحكومة الإسلامية لقد أقدم الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم بمجرد نزوله المدينة المنورة على تأسيس الدولة بكل ما لهذه الكلمة من معنى، ومارس كل ما هو من شأن الحاكم السياسي من تشكيل جيش منظم، وعقد معاهدات ومواثيق مع الطوائف الأخرى، وتنظيم الشؤون الاقتصادية، والعلاقات الاجتماعية، مما يتطلبه أي مجتمع منظم ذا طابع قانوني، وصفة رسمية، وصيغة سياسية، واتخاذ مركز للقضاء والإدارة ـ المسجد ـ ووضع الرواتب وتعيين مسؤوليات إدارية وتوجيه رسائل إلى الملوك والأمراء في الجزيرة العربية وخارجها، وتسيير الجيوش والسرايا.. الخ وبذلك يكون الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم أول مؤسس للدولة الإسلامية... وان من يراجع التاريخ النبوي يلاحظ بجلاء ان النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلم كان منذ بداية بعثته الشريفة وحياته الرسالية يصدد تأسيس الحكومة وإقامة الدولة(1).(ولكم في رسول الله أسوة حسنة). ب ـ القوانين الإسلامية وحاجتها إلى القوة التنفيذية. ان دين الإسلام ليس منحصراً في الأعمال العبادية والآداب والمراسم الشخصية فحسب وإنّما هو نظام واسع وشامل لجميع ما يحتاجه الإنسان ويواجهه في معاشه ومعاده، ومن بدء تكوينه إلى آخر مراحل حياته، هذا ما يجمع عليه فقهاء وعلماء المسلمين جميعاً، ومع ملاحظة القوانين الإسلامية في مختلف المجالات الحقوقية والاجتماعية والمالية يتأكد بأن طبيعة هذه القوانين وطريقة تنفيذها تقتضي وجود ___________________________ 1 ـ جعفر السبحاني ـ مفاهيم القرآن في معالم الحكومة الإسلامية ج 2 ص 16.