ـ(473)ـ الهوية والاستقلالات الثقافية. مؤكدين ان أحياء التراث الذي تقوم به الحركات الإسلامية الداعية إلى تشكيل الحكومة الإلهية، والمد الجماهيري الذي تحصل عليه، إنّما يعبران عن إرادة التحرر الذاتية للمجتمعات الإسلامية بعد حقبة طويلة من الضياع والاغتراب في زحمة العقائد والقيم الغربية الوافدة، أما ازدياد المطالبة الشعبية بالعودة إلى الأصول ودعمها للصحوة الإسلامية فهو استفتاء جماهيري حر على قبول هذه العودة والتفاني من أجلها مضيفين بان ما يثار على مشروع الحكومة الإسلامية،(وهو ما زال في طور الفرض) غير ذي قيمة، خاصة وان أداء العلمانية لا يدعم اعتراضاتها. ويضيف هذا الفريق أيضا ان عودة الأمة إلى المنابع الأصلية لتراثها(الماضوية كما يسميها الخصوم) هو مقدمة لتحقيق ما عجزت الأمة الإسلامية عن تحقيقه منذ نشأتها ـ باستثناء حقبة الخلافة الراشدة القصيرة ـ من سلطة إلهية تستلهم تعاليم الدين، وتستمد سيادتها وشرعيتها من أوامر الله وشرعه. صراع الفريقين والنتائج الحاسمة ان الحديث عن تشكيل الحكومة الإسلامية مرتبط في أذهان الناس بالتأكيد على نموذج معين للشرعية، وبالتالي على نموذج معين لممارسة السلطة. فالحديث عن الشرعية الدينية يجر رأساً لنموذج الخلافة، والخلافة العثمانية بالخصوص باعتبارها أقرب المراحل التاريخية للذهن المعاصر دون التمييز بين دور هذه الخلافة وطبيعتها، وبين دور الخلافة في طورها الأول(الراشدة) أو ما هو أبعد منها أي طبيعة الحكومة وشرعيتها في الفترة النبوية الشريفة. ومن إيحاء هذا الارتباط تتغذى مخاوف الفريق الأول من الخلافة والسلطنة وما تنطوي عليه من استبداد وتكريس للفردانية وغياب الدستورية.. الخ في وقت لا يعير هذا الفريق مخاوف الفريق الثاني أهمية تذكر ولا يسمح بتعقلها، كالمخاوف المتمثلة