ـ(471)ـ العلائق الاجتماعية والاقتصادية. وقد انصبت مهمة الأنبياء عليهم السلام ابتداء على أيجاد نوعين من الروادع: ألف: رادع داخلي: وهو محاسبة الضمير والوجدان. ب: رادع خارجي: وهو متابعة الدولة وأجهزتها القضائية والتنفيذية. مع التأكيد التام على وجود الرقابة والمحاسبة الإلهية الكبرى التي لا تضل ولا تخطأ ولم تكن مهمة الأنبياء عليه السلام لتحقيق ذلك مهمة سهلة، وإنّما خاضوا بسببها ولا جلها، صراعات دامية مع المستكبرين والمترفين، وكل من كان يسوؤه سيادة العدل وانتشار القضيلة ودرء الاختلاف، فكان من نتائج ذلك، قتل الأنبياء تارة، ونفيهم وتعذيبهم تارة أخرى، وتعرضهم للهزء والسخرية والتنكيل تارة ثالثة. ?وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ?(1). وفي خضم هذا الصراع لم يعد ممكناً الفصل بين وظيفة الأنبياء عليهم السلام، المتمثلة بهداية الإنسان إلى طريق الله تعالى وتهذي نفسه وربطه بالمطلق، وبين عملهم في تنسيق وتنظيم حركة المجتمع الإنساني، بما فيها الحاجات والعائق ـ أي تشكيل الدولة ـ وتوجيهها بما يتوافق ويحقق الشروط الموضوعية والنفسية لذلك الهدف، حتى عدت المهمتان مهمة واحدة، وهو الواقع. والخلاصة التي يمكن ان نخرج بها هي ان الدولة والحكومة ظاهرة اجتماعية وتاريخية، وإنها ضرورية لكل تجمع بشري ولا يمكن لأي اجتماع ان يقوم إلا بها، وان الحكومة الصالحة هي ظاهر إلهية مؤطرة بالأحكام الشرعية تأسست على يد الأنبياء وأريد لها ان تحقق للإنسان سعادته في دنياه وأخرته. ___________________________ 1 ـ سورة سبأ: 34.