ـ(458)ـ ويمكننا تفصيل هذه المشكلة الأساسية بالنظر إلى أهم جوانبها من خلال طرح هذه المقارنة: 1 ـ كيف يمكننا ان نتصور قدرة الناس ـ عند غياب الدين الإلهي الحق ـ على اختيار ما به تحقيق المصلحة الاجتماعية في التشريع والتنفيذ، وهم يجهلون مقاييس الصواب والخطأ في الاختيار؟‍! إضافة إلى أنهم محكومون بطبيعتهم الأولية للأهواء والنزعات الخاصة! 2 ـ كيف يمكننا عمليا معالجة مشكلة التصرف بآراء الأكثرية من الناس عن طريق شراء الأصوات أو التغرير بالوعد الكاذبة والأعلام الخادع أو ممارسة الإرهاب لتحميل اختيار معين دون غيره بعيدا عن لحاظ المصلحة الاجتماعية وسبيل العدالة؟ وكشاهد شاخص على ذلك ما يحصل في الدول المدعية للديمقراطية، كما في أميركا ودول أوروبا الغربية ومن يحذو حذوهم من دول العالم الثالث، وما جرى في الجزائر وتركيا وأمثالهما ليس ببعيد عن ذاكرتنا. 3 ـ ما هو الضمان لاستقامة المنتخبين للحكم والسلطة وتغليبهم لمصلحة المجتمع على مصالحهم الذاتية وأهوائهم الخاصة عند تشريع الأنظمة والقوانين أو تنفيذها؟ خصوصا وان المقياس والغاية لديهم لا يعدوان هذه الحياة المادية بكل زينتها وشهواتها، بل إننا نجد هذه الفئة المنتخبة تنتهي عادة إلى تغليب مصالحها الفردية والفئوية عند التشريع وسن القوانين. أما في المجال التنفيذي فتعتمد إلى التعسف الحكومي وبسط سطوتها الانتهازية على الشعوب والأمم عن طريق تشكيل الأجهزة العلنية والسرية لأحكام السيطرة وأعمال النفوذ ولمنع أعمال أية إرادة خارج أرادتها وسلطتها. والنموذج البارز لذلك هو النظام الحاكم في أميركا ودول الغرب عموما ومن سار على نهجهم السياسي من دول العالم الثالث. ولم تنفع كل عمليات الترقيع والتحديث للديمقراطية العلمانية حيث ظلت عاجزة