ـ(454)ـ صدق وكذب أية رؤية فكرية أو دعوى نظرية، بما في ذلك المقولات الدينية. لهذا وذاك احتل العلم والمختبر العلمي مكان الدين والكنيسة في تنقيح العقائد والنظريات وقبولها أو رفضها. وهذا ما أطلق عليه اسم العلمانية. والديمقراطية في واقعها نظرية قائمة على الأساس العلمانية في مجاله السياسي، فهي منهج وطريقة منح السلطة وتشكيل الحكومة وبناء الدولة وأجهزتها بمعزل عن الدين ومؤسساته. ونحن هنا في معرض بيان الأساس المقوم للحكومة في كل من النظرية الإسلامية والنظرية الديمقراطية ثم نعقد مقارنة نكتشف من خلالها مدى التباين النظري بين الديمقراطية والإسلام في المنهج السياسي... وهل هناك نقاط التقاء على المستوى النظري أو التطبيقي أم لا؟ وقيل الدخول في مفردات الجواب لابد لنا من الإشارة إلى مسألتين مهمتين: المسألة الأولى: خطأ الإسقاط التنظيري على الإسلام إن الإسقاط التنظيري على الدين الإسلامي الذي يقوم به العلمانيون من المنادين بالديمقراطية العلمانية ومحاكمته على أساس تصوراتهم عن الكنيسة كرؤية وموقف خطأ فاحش؛ ذلك لأن العلمانية وديمقراطيتها جاءت كرد فعل تجاه السلطة المتحجرة للكينسة وحكومتها الفكرية والسياسية في الحقبة المظلمة، وهذا يختلف أمره كليا والدين الإسلامي وعلماءه ومفكريه؛ حيث ان الإسلام في مبانية ـ أصولا وفروعا ـ يقوم على أساس المنهج العقلي في الاستدلال والبرهان على عقائده: وانطلاقاً من ذلك تقوم الاستنباط لأنظمته وتشريعاته من مصادرها الشرعية في مختلف مجالات الحياة بما فيها المجال السياسي ونظريته حول السلطة والحكم. وهكذا كانت