ـ(455)ـ سيرة علمائه ومؤسساته الرسالية بالرغم من محاولات التحريف والتزوير التي حاول أعداء الإسلام وحكام الجور القيام بها على مر العصور للإجهاز على أصالة الدين الإسلامي أو لتوظيفه في خدمة مصالحهم وأهوائهم الخاصة تكريسا لدكتاتوريتهم في السلطة والحكم. المسألة الثانية: الفارق في أساس الحكومة بين النظرية الإسلامية والنظرية الوضعية ان عملية تقويم أية نظرية أو أطروحة في مجال الولاية والحكم لابد فيها من النظر إلى فارق أساسي بين النظريات والاطروحات الوضعية من جهة والاطروحات الإلهية المتمثلة بنموذجها الأكمل في الدين الإسلامي من جهة أخرى، وهو ان السلطتين التشريعية والتنفيذية في الأنظمة الوضعية من صنع البشر وليس وراءهم أو فوقهم أي مصدر أو سلطة عليا، وان السلطة في احسن صورها القائمة على أساس العقد الاجتماعي تفتقر إلى القدرة على إصابة واقع العدل والقسط والمصلحة الاجتماعية، بل ان للميول والرغبات والمصالح الشخصية أو المشتركة للفئة المنتخبة مطلق العنان في التحكم فيها. أما في الإسلام فإن السلطة التشريعية مقومة بواقع العدل والقسط والمصلحة الاجتماعية، وهذا لا يمكن تحقيقه ومعرفته إلا من خلال الرسالات الإلهية، لأن الله وحده هو العالم بالمصالح والمفاسد الواقعية للحياة الإنسانية، وطريقته في بيان تشريعه وإيصاله إلى البشرية هي إرسال الرسل الأمناء بكتبه وبياناته، وهو مفاد قولـه تعالى ?لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ?(2). ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ?(3). ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ?(4).