ـ(293)ـ و من المعلوم ان المؤمنين هم المسلمون، المتقون، الواعون، الملتزمون بالإسلام عقيدة وشريعة، وهم أعلى درجة في الالتزام من سائر المسلمين. وهؤلاء هم الواجدون لأسباب القوة، والمناعة ضد الكفار، الذين لن يكون لهم سبيلاً وتمكن من السيطرة(1). و نحن نستشف من آية السبيل فيما يتعلق ببحثنا، ان الدولة الإسلامية، يجب أن تكون صاحبة السيادة الفعلية على إقليمها ورعاياها المسلمين. وعلى الحكومة الإسلامية أن تستقل في قرارها السياسي ولا تجعل للكافرين سبيلاً على المسلمين ومصالحهم. والآية المذكورة لا تأبى هذا الحمل خصوصاً إذا ما فسرنا(السبيل) بالتمكين والقدرة وهو التفسير الأرجح. وعلى هذا الأساس: "استدل الفقهاء بهذه الآية على أن الله سبحانه لم يشرع حكماً يستدعي أية سلطة وولاية لغير المسلم على المسلم، وفرعوا على ذلك كثيراً من الأحكام، منها: ان حكم الحاكم غير المسلم لا ينفذ بحق المسلم وان كان حقاً"(2). و لا نبالغ إذا ما قلنا بان قاعدة السبيل هذه من أروع قواعد السياسة الخارجية في الإسلام، لكونها تعبر عن علو الإسلام على غيره من الأنظمة السياسية، وتحافظ على كرامة المسلمين، التي يجب أن لا تُمس مطلقاً. زد على ذلك ان لهذه القاعدة تطبيقات في مختلف أنواع العلائق السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية التي تبرم مع غير المسلمين أفراداً كانوا أم دولاً.. "و بموجب هذه القاعدة، فإنّ أي تصرف أو معاهدة أو عقد يؤدي إلى تفوق الكافرين على المسلمين، يُعد ملغياً من أساسه... فإن هذه القاعدة شأنها شأن قاعدة: "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" وقاعدة: "نفي الحرج والعسر" تُعد من القواعد الثانوية التي ___________________________ 1 ـ راجع كتاب: نظام الحكم والإدارة في الإسلام ـ الشيخ محمد مهدي شمس الدين ص 498 ـ 499. 2 ـ انظر: التفسير الكاشف: للشيخ مغنية ـ المجلد الثاني ص 446.