ـ(392)ـ سبيل "حجة" تثبت صدق ما هم عليه من الاعتقاد في مقابل الإسلام. فيكون المراد من السبيل "الغلبة بالدليل والبرهان" في مجال الاعتقاد. كما يمكن أن يكون المراد أنه لا حجة لهم تثبت صحة وسلامة سلوكهم في موقفهم من الإسلام والمسلمين،يبررون بها موقفهم وسلوكهم، ولعل هذا المعنى أوفق بالآية بملاحظة السِّياق، الذي وردت فيه. ويحتمل أن يكون المراد منها: إن هؤلاء المنافقين يتوهمون أنهم بسلوكهم المذبذب بين الكفار والمسلمين، يجدون سبيلاً(حجة: ذريعة) على المسلمين لخداعهم، والنيل منهم. ولكن الله تعالى بما كشف لنبيه صلّى الله عليه وآله وسلم من سلوكهم ونواياهم(في الآيات السابقة) ويكشف عنها دائماً، لن يجعل لهم هذه الحجة والذريعة، بل سيفضح خططهم ليكون المؤمنون دائماً على بينة منها. ويؤيد هذا الاحتمال قولـه تعالى في الآية التالية: ? إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً?(سورة النساء: 142). ويحتمل أن يراد من (السبيل): الطريق، بمعنى مجازي وهو التمكين والقدرة، بأن تمكنهم وسائلهم في الكيد والتآمر من السيطرة على المسلمين والتحكم بهم سياسياً، ويكون المراد من الآية: ان الله لن يمكّن الكفار من المسلمين، لأنّ أحكام الإسلام السياسية والاجتماعية وغيرها، تجعل الكفار عاجزين عن التمكن من المسلمين، وفاقدي القدرة على غلبتهم، إذا التزم المسلمون بأحكام الإسلام. وهذا لا ينافيه حصول خلاف ذلك في الواقع، لان تمكن الكفار من المسلمين وسيطرتهم عليهم، ليس ناشئاً من قصور التشريع الإسلامي، وإنما هو ناشيء من عدم التزام المسلمين بأحكام الإسلام في شؤون المجتمع والدولة. و الآية في مقام تقرير حقيقة موضوعية هي: أن تمكين الكافرين من المؤمنين لن يأتي من طريق(سبيل) قصور الإسلام ـ عقيدة وشريعة ـ عن ضمان السيادة والنصر. وإذا غُلب المسلمون على أمرهم وتمكن الكفار منهم، فإن ذلك يكون من طريق آخر، هو تقصير المسلمين وعدم التزامهم بالإسلام.. ونلاحظ أنّ الآية نصّت على أن الله لن يجعل سبيلاً على "المؤمنين" وليس على المسلمين.