ـ(389)ـ هي الغاية. وعليه فالأصل هو السِّلم أما الحرب فوسيلة طارئة يلجأ إليها عند الضرورة القصوى من أجل الدفاع عن النفس والنفيس المتمثل بصيانة الدعوة الإسلامية. أضف إلى ذلك أن اعتراف الجميع بأنّ حروب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم كانت دفاعية أو في أشد الحالات "وقائية"، يُرسخ قناعاتنا "بأصالة" السَّلام وتقدمه وتأخر القتال، وبتعبير آخر ان للسَّلام في الإسلام تقدم رتبي على الحرب والقتال. 4 ـ في السُّنّة القولية للرسول صلّى الله عليه وآله وسلم فيها دلالة صريحة وضمنية على كون السلام هو الأصل الأولي الحاكم على علاقة المسلمين مع غيرهم، منها: "قولـه صلّى الله عليه وآله وسلم: لا تتمنوا لقاء العدو، فأنكم لا تدرون لعلكم تبتلون بهم، ولكن قولوا: اللهم أكفناهم وأكفف بأسهم عنا" ولو كان القتال هدفاً من أهداف الإسلام لما كان ذلك الموقف الإنساني العظيم من رسول الله(1). ومن مصادرنا المعرّفية يمكن الاستشهاد بالوصية الذهبية التي أسداها الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم إلى الإمام علي عليه السلام عندما أرسله إلى اليمن وجاء في مقدمتها: "يا علي لا تقاتلن أحداً حتى تدعوه إلى الإسلام.."(2). وهناك أحاديث أخرى لا يتسع المجال لذكرها وقد استند الفقهاء المسلمين على تلك الأحاديث، وأفتوا بوجوب الدعوة لمن لم يبلغهم الإسلام.. "قال الحنفية والشافعية والحنابلة والإمامية والأباضية: تجب الدعوة لمن لم يبلغهم الإسلام، فإن انتشر الإسلام وظهر كل الظهور، وعرّف الناس لماذا يُدعون، وعلى ماذا يُقاتلون، فالدعوة مستحبة تأكيداً للإسلام والإنذار، وأدلتهم الجمع والتوفيق بين الأحاديث ___________________________ 1 ـ كتاب: العقيدة والقوة معاً ـ لمحمد عبدالله السّمان ص 105. 2 ـ وسائل الشيعة: ج 11 ص 30.