ـ(390)ـ من الأمر بإبلاغ الدعوة"(1). إذن فالسيف لم يكن ـ في أية معركة إسلامية ـ هدفاً، وأبرز شاهد على ذلك، ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم حين ودع أسامة بن زيد قائد الجيش إلى مؤتة، كان أول ما أوصاهم به: "أوصيكم بتقوى الله.. وبمن معكم من المسلمين خيراً.. وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى إحدى ثلاث فأيهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم وكفف عنهم..". من هذا التوجه ندرك أن القتال خيار أخير لابد منه عند استنفاذ جميع الوسائل السلمية. وان الإسلام لم ينتشر إلا في أجواء السلام على العكس مما يروج لـه الغربيون بأن الإسلام انتشر بالسيف وعليه فهو دين العنف. فقد أثبت التاريخ وجود علاقة تلازمية بين السلام وانتشار الإسلام.. "يقول المؤرخون أن أهم فترة أنتشر فيها الإسلام هي فترة السِّلم الذي تلا صلح الحديبية بين قريش وبين المسلمين، وكانت فترة السِّلم سنتين. ويقول المؤرخون أن من دخل الإسلام في هاتين السنتين أكثر مما دخلوه في المدة التي تقرب من عشرين عاماً منذ بدء الإسلام حتى ذلك الصلح"(2). و لابد من الإشارة إلى الثمار والمعطيات المترتبة على كون السِّلم هو الأصل الأولي في السياسة الخارجية للحكومة الإسلامية: أ ـ لا مانع لدى القائلين بان السِّلم هو أصل العلاقات الدولية من عقد صلح دائم على أساس آخر غير عقد الذّمة أي لصيانة السِّلم والأمن دون التزام دفع عوض مالي للمسلمين، بدليل أن أول عمل سياسي عمله النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بعد الهجرة، أن عاهد القبائل التي ___________________________ 1 ـ انظر العلاقات الدولية في الإسلام ـ مصدر سابق ـ ص 39. 2 ـ الإسلام ومنطق القوة ـ مصدر سابق ـ ص 211.