ـ(386)ـ واليمن هم بدورهم سيكونون آمنين، ومن أراد التفاصيل فليراجع: مجموعة الوثائق السياسية ـ لمحمد حميد الله ـ ص 116 وسوف يجد أن الرسالة النبوية تقدم السِّلم كخيار أولي أمّا القوة والقتال فتحتل المرتبة المتأخرة.. جاء في مطلعها: "سلم أنتم، فأني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلاّ هو، فأني لم أكن لا قاتلكم حتى أكتب إليكم، فأسلم أو أعط الجزية..". 2 ـ إن ملاحظة التسلسل الزمني لنزول آيات الجهاد وشروطها تثبت بما لا يدع مجالاً للشك، بان خيار السِّلم كان الأصل أما الحرب فكانت أمراً طارئاً لضرورة قاهرة. فمن المؤكد: "ان المسلمين كانوا يطلبون ـ كراراً ـ من النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أن يسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم. ولكن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لم يسمح لهم بذلك طيلة بقاءه في مكة الذي استغرق ثلاثة عشر عاماً"(1). و ان إجازة الدفاع عن النفس لم تعط إلاّ في العام الثاني من الهجرة عن مكة. وان جميع المفسرين يتفقون على أن أول ما نزل في القرآن حول الجهاد قولـه تعالى: ?إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ $ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ $ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ?(سورة الحج: 38 ـ 40). و كانت سيرة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم قبل نزول سورة "براءة" أن لا يقاتل إلاّ من قاتله ولا يحارب إلا من حاربه وأراده. أما آيات البراءة من سورة التوبة(من الآية 1 ـ 8) فهي آخر ما نزل في القرآن حول القتال، لا دلالة فيها على أن الحرب هي الأصل بل هي مخصوصة بالمشركين القاطنين في الجزيرة العربية، وعليه فلا تشمل من كان في خارجها هذا أولاً ثانيا: ليس في منطوقها ولا في مفهومها ما يدل على شمول القتال لأهل الكتاب زد على ___________________________ 1 ـ انظر كتاب: الجهاد وحالاته المشروعة للشهيد المطهري ص 15.