ـ(38)ـ الشورى عانت البشرية طويلاً من الاستبداد بالرأي ودكتاتورية السلطة وقد مرت بمراحل وأطوار من النظام الاستبدادي ذاقت فيه البشرية أشد العذاب بسبب ادعاء الماسكين على زمام السلطة بالحق الإلهي تارة وبالتفويض الإلهي تارة أخرى.. وقد مرت فكرة الحق الإلهي بمراحل ثلاثة المرحلة الأولى ادعاء الحاكم صفة الألوهية وانه اله على الأرض وشريك الله الذي في السماء كما ادعى ملوك وفراعنة مصر القديمة وأباطرة اليابان وان القرآن قد سطر تلك السطوة الغاشمة الآية ?... أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ? ?قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ? قال أنا ربكم الأعلى "فليس للشعب دور في المسئولية التضامنية وفي المشاركة بالرأي أو المشاركة الوجدانية.. أما المرحلة الثانية هي مرحلة الحق الإلهي المباشر في القرنين السابع والثامن عشر خاصة في فرنسا إذ تدعي الأباطرة انهم يستمدون سلطتهم من الله ولذلك لا يحفلون بالرأي العام أو مشيئة مجلس الشورى... أما المرحلة الثالثة هي طور نظام الحق الإلهي الغير مباشر والحكام يدعون بأن الله قد هيأ لهم الظروف الملائمة ليكونوا حكاما والآخرين محكومين ولا تداول على السلطة بل تورث كابر عن كابر والتأمل في المراحل الثلاثة ان السلطة مطلقة وتدعم العسف والاستبداد وجزء كبير من هذه الممارسات قد دخلت الكنيسة كما صاغها(بولس) الرسول وقدمها إلى أوربا فصلت بين الدين والدولة بعد استئثار السلطة الدينية بالحكم وأصبحت ثيوقراطية تنطلق من ان الحاكم هو ظل الله في الأرض وخليفته على خلقه يحل محله يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وشاع الأمر أبان سيطرة الكنيسة الكاثولوكية واستئثارها بالسلطة الروحية والدنيوية بما يجعل تسلسل السلطة فيها كالآتي: