ـ(34)ـ الأمة فالحقوق الدستورية اذن مكفولة ومضمونة ويتحاكم الناس إلى الدستور الإلهي والقرآن هو المرجعية.. أما الحريات فقد عنى الإسلام بالحرية بل ان الحرية مرادفة للإنسانية ولا كرامة لإنسان دون كفالة حريته وان الشخصية الإنسانية سواء أكانت شخصية فردية أحادية أم شخصية معنوية لجماعة أو دولة لا تتوافر إلا في ظل الحرية وان الله تعالى الذي خلق الإنسان مستعدا للعلم بالأشياء وأن ذلك الاستعداد لا ينمو إلا في حرية مكفولة فلابد أن يكون الفكر حرا ولابد ان يكون العمل حرا.. ان أهم هدف للشريعة أن يكون الإنسان حرا وتتوفر لـه أسباب العزة والكرامة الإنسانية والشرف امتدادا لتكريم الله له في كتابة العزيز ? وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ...? وكان من مظاهر تكريم الله لبنى آدم خلقه في أحسن تقويم في صورته المادية والمعنوية ? لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ?(سورة التين: 4) وشرفه واختاره خليفة في الأرض ?وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ?(سورة البقرة: 30). وأسجد الله ملائكته للإنسان تكريما لـه ?وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ?(سورة البقرة: 34). وسخر الله سبحانه وتعالى للإنسان أسباب الحياة الكريمة والعزة والخلافة سخر لـه ما في السموات وما في الأرض ?أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ?(سورة لقمان: 20)..?وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ?(سورة إبراهيم: 34). ان هذه الرحمة السابغة والفيض العميم لا يكون إلا بتحقيق العدل والمساواة والكرامة والحرية للناس جميعا في ظل الشعور بالاخوة الإنسانية والنسب الواحد والندية ذلك الشعور الذي يجعل هذه الحقوق الإنسانية أمراً فطرياً طبيعياً وقدراً مشتركاً بين جميع أفراد السلالة الإنسانية يستند إلى وحدة الأصل والمنشأ والتساوي في الحقوق والواجبات.