ـ(33)ـ ويسوقه عقله إلى خياره واختياره مناط التكليف وما هبوط أبينا آدم من الجنة إلا تقرير لمصيره مع سبق علم الله بذلك ولكن الكلمة "حق تقرير المصير" شاعت بعد انهيار الإمبراطوريات وانتشار الاستعمار ومن خلال غضبة الشعوب وامتلاكها لارادتها السياسية ومطالبتها بحقها الأساسي في التعبير الحر وفقاً لما يمليه له ضميره في بقاء المستعمر أو خروجه من التراب الوطني لكن الكلمة وفعلها أكثر شيوعاً ورسوخاً عند نهضة الإسلام وبسط حضارته فالمعنى ملازم للتوحيد ومرادف للحرية ويتماشى مع الفطرة السليمة والناموس العام فقد أتاح الإسلام حرية الرأي والفكر ومنح التفكر درجة عليا في العبادة وأعطى المجتهد أجرا وإن أخطأ وكفل حرية العقيدة حيث لا إكراه في الدين وكانت إحدى زوجات الرسول صلّى الله عليه وآله كتابية خصها بالبر ولم يكرهها في أمر. إن اتفاقية صلح الحديبية نصت على حق تقرير المصير خلال الفترة الانتقالية التي كانت مدتها عشر سنوات يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض تقول الاتفاقية "ان بيننا عيبة مكفوفة ـ أي صدوراً منطوية لما فيها من خير وأنه لا اسلال ولا أغلال ـ أي لا غدر ولا خيانة "انه من أحب ان يدخل عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه". ويروي ان قتيبة بن مسلم الباهلي فتح إقليم سمرقند عنوة من غير ان يخير القوم بين الإسلام أو العهد أو القتال فشكا أهل الإقليم إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز وعندما تحقق من الأمر أمر الجند بالخروج من الإقليم الذي فتحوه وان يعودوا إلى ثكناهم ثم خير بعد ذلك أهل الإقليم في الثلاثة ليختاروا ويقرروا مصيرهم فاختار منهم العهد ومنهم من اختار الإسلام وكفى الله المؤمنين القتال. تلك بعض الحقوق التي ظهرت في المواثيق الدولية ويتشدق بها المستشدقون ويجهلون ان الإسلام سبق لذلك وعنى بالحقوق وكفل الكرامة الإنسانية منذ ان خلق الله الإنسان كما ان كل هذه الحقوق منصوص عليها في القرآن الكريم وهو دستور