ـ(314)ـ شافة الفساد إن وجد ولا يسكت عنه، وليس أضر على شعب من مجاهرة بعض أفراده بالاعتداء على حرمات الدين والدولة والحقوق العامة ثم لا يحرك أحد ساكنا للإنكار عليهم وإلزامهم الإقلاع عماهم فيه. الفرق بين الحكومة الإسلامية وغيرها نعود بعد ذلك لنبين أوجه الخلاف بين الحكومة الإسلامية والحكومة الديمقراطية وهي وجوه ذات أهمية كبرى، فبعد معرفتها يظهر أنه يكون من الخطأ الكبير ان يظن أنهما شيء واحد. أو ان نظاميها متطابقان، مع أن هناك فوارق عديدة إلا أنا نقتصر على أهمها: فأهم الفوارق أذن بين الديمقراطية والإسلام هي الأمور الثلاثة التالية: الأمر الأول: ان المراد بكلمة شعب أو أمة في الديمقراطية الحديثة كما هي معروفة في علم الغرب، أنه شعب محصور في حدود جغرافية يعيش في إقليم واحد. تجمع بين أفراده روابط من الدم والجنس واللغة والعادات المشتركة: أي ان الديمقراطية مقترنة لا محالة بفكرة القومية أو العنصرية، وتسايرها نزعة التعصب أو العصبية، وكذلك الإسلام، فالأمة عنده أصلا ليست هي التي تربط بينها وحدة المكان، أو الدم، أو اللغة. فهو رابطه صناعية أو عارضة أو ثانوية، ولكن الرابطة أصلا ـ هي الوحدة في العقيدة: أي في الفكرة والوجدان ـ كل من اعتنق فكرة الإسلام من أي جنس أو لون أو وطن فهو عضو في الحكومة الإسلامية فنظرة الإسلام إنسانية، وافقها عالمي، وان كان هذا لا يمنع بل ان ذلك قد يكون ضروريا تحقيقا للصالح العالم، ويكون إذن واجبا شرعياً. ان يوجد في داخل تلك الدائرة العامة دوائر خاصة: إقليمية أو قومية، من أجل التنظيم، أو تحقيق أغراض وطنية أو محلية، لا تتعارض مع الأغراض، وإذا وجدت الروابط الأخرى: وهي وحدة الوطن والأصل واللغة وغيرها، إلى جانب الرابطة الأساسية وهي وحدة العقيدة، كان هذا أقوى تأكيدا لوجود الأمة وظهور الدولة ودليل