ـ(308)ـ إلى المظالم في تصفحها إلى متظلم. وقد قال ابن خلدون يصف طبيعة هذه الولاية: هي وظيفة ممتزجة من سطوة السلطنة ونصفة القضاء، وتحتاج إلى علويد، وعظيم رهبة، تقمع الظالم من الخصمين وتزجر المعتدي. وكان الخلفاء الأولون يباشرونها بأنفسهم إلى أيام المهتدي من بني العباس. وربما كانوا يجعلونها لقضائهم: كما فعل عمر مع قاضيه أبي إدريس الخولاني، وكما فعله المأمون ليحيى بن أكثم والمعتصم لأحمد بن أبي داود. وان يكون القاضي ذا فكر حر كما روى الترمذي حديثاً، ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لما بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن، قال: كيف تقضى بين الناس؟ قال أقضى بكتاب الله قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال فبسنة رسول الله قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله قال اجتهد برأي قال: فضرب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم على صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضى به رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم. العدل: العدل في القضاء. أمر بالعدل في الحكم والقضاء، واعتبره نوع الله ? إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ...?(سورة النساء: 58). وإذا كان شأن العدل في الشهادة ـ وهي إحدى طرق القضاء في بيان العدل في القضاء نفسه عن العدل وهي الأداة المهيمنة الفعالة في حفظ الحقوق وصيانتها، وهو القوة التي يلتجيء إليها الضعيف حتى يأخذ حقه والمتهم بري حتى ينصف هو السيف الذي يجرد في وجه القوى، حتى يؤخذ منه الحق، وفي وجه الباغي، حتى يعدل عن بغية. وأكثر الفقهاء في هذا البيان حتى كاد يحكم الطبيعة البشرية التي ليس لها من سبيل