ـ(175)ـ وقد جاء في الحديث: "أمتي كالغيث، لا يدرى أوله خير أم آخره". رواه ابن عساكر عن عمرو بن عثمان مرسلا. وفي رواية "أمتي مباركة، لا يدرى أولها خير أم آخرها". القرآن الكريم خطاب الزمن كله، خطاب الأجيال كلها، ولا يمكن أن يجمد عند فهم معين في عصر معين. نحن نستصحب فهم السابقين فيما يتصل بالآفاق الأخرى، آفاق(الكون، والحياة والعلوم الإنسانية، وغيرها) ذلك الفهم الذي وقف عند حد، وأن العصور المتأخرة لابد أن تزيد. ?سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ?(سورة فصلت: 53). أما ما يتصل بفرائض العبادات من صلاة وصوم وحج وزكاة مثلا، فقد كفانا السابقون بما أتوا عنها وما اجتهدوا فيها وعلينا أن نأخذ منها ما يقود للوحدة إن حاجتنا إلى فقه سنن الله في الكون اليوم كحاجتنا إلى فقه العبادات، والسنن تعني القوانين المطردة التي لا تتخلف إلا في قضايا السنن الخارقة. وهذا الفقه هو واحد من دعائم الوحدة الإسلامية. ليس هناك فوضى في الكون، وسنن هذا الكون انطبقت على صاحب الرسالة، محمد صلّى الله عليه وآله وسلم، ومن كان معه، نصرا وهزيمة. انطبقت عليهم هزيمة، عندما قصروا في اتخاذ الأسباب المطلوبة لاستكمال النجاح في(أحد) وقيل لصاحب الرسالة: ?لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ?(سورة آل عمران: 128). قال تعالى: ?وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ?(سورة آل عمران: 151).